للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السعد: الخلاف لفظي، وأشار إليه إمام الحرمين في "البرهان" (١).

والذي نرى أن هذا الخلاف - وإن كان نظريًا، مردُّه إلى التسمية والاصطلاح ولا مشاحة في الاصطلاح - لكن الأمر يقتضينا التفريق بين موقف الشافعية ومَن يوافقهم من جهة، وبين موقف الحنفية والشيعة الإمامية من جهة أخرى، وذلك من خلال نقطتين:

الأولى: إثبات الحدود والكفارات بالقياس أو عدمُه.

الثانية: القول بالقياس أو عدم القول به:

أ - فموقف الشافعية لا يتأثر مع أي من الاصطلاحين بالنسبة لإثبات الحدود والكفارات؛ فهم يثبتون الحدود والكفارات بالقياس، كما يثبتونها بمفهوم الموافقة.

فهذه الدلالة المختلف على تسميتها سواء أكانت مفهوم موافقة، أم كانت قياسًا جليًا: صالحةً لإثبات حد أو كفارة، وبذلك لا يترتب على الاختلاف في الجنوح لأي من المصطلحين أثر عملي.

ب - أما موقف الحنفية: فإنه يتأثر بالاختلاف؛ ذلك لأنهم لا يثبتون الحدود والكفارات بالقياس من أي نوع كان، مع أن دلالة النص صالحة لإثبات الحد والكفارة عندهم كما مر في حينه (٢).

ولقد أتى أبو زيد الدبوسي في "التقويم" بعدد كبير من الأمثلة التطبيقية - ومنها ما ثبت به حد أو كفارة - مبرهنًا أن هذه أحكام أُخذت من دلالة النص ولم تؤخذ من القياس (٣). وتبعه في ذلك مَن بعده عدد من الباحثين حتى إن السرخسي أتى بالأمثلة نفسها وزاد عليها، وكان يحاول بعد كل مثل في الآية أو الحديث، أن يؤكد مجدَّدًا على أن ثبوت الحكم المأخوذ من هذا النص أو ذاك، إنما كان بطريق دلالة النص - مفهوم موافقة - لا بطريق


(١) انظر المصدر السابق: "مختصر المنتهى لابن الحاجب مع العضد والسعد" (٢/ ١٧٣)، "إرشاد الفحول" للشوكاني (١/ ١٧٨).
(٢) انظر ما سبق (ص ٤٣٥).
(٣) راجع: "التقويم" (ص ٢٣٧ - ٢٤٤) وقد ذكر هنالك ثلاثة عشر مثالًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>