للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن كون الصلاة والصوم قربةً وعبادة على هذه الهيئة، وكون البيع على الشكل الذي وصفه الإسلام بالحل: لم يكن معلومًا قبل الشرع.

قد يرد على ذلك: أن من يصلي ويبيع، يعلم حسًا أنه يفعل ذلك كما يعلم شرب الخمر والقتل.

ولكن هذا الإيراد مدفوع بأن الذي يأتي من طريق الحس، هو معرفة أنها أفعال من حيث هي أفعال، أما من حيث كونها صلاة وعقدًا، حتى كانت الصلاة سبب ثواب، وعقد البيع سبب ملك، فلا يعرف إلا بالشرع الذي حدد هذه الأمور بأركانها وشروطها، وما يصبح منها وما لا يصح (١).

وإذا علمنا أن النهي يكون من التصرفات الحسية، ويكون عن التصرفات الشرعية، فمن الخير أن نبين أن ما ذكرنا من مدلول الأمر في التحريم، إنما يشمل التصرفات بنوعيها من ناحية طلب الامتناع عنها.

ولكن له أثرًا خاصًّا في التصرفات الشرعية، من عبادات ومعاملات؛ وذلك من ناحية ما يترتب عليها من أحكام ثبتت بالشرع، وهذا الأثر اختلفت مذاهب العلماء فيه. وبيان ذلك فيما يلي:

[أثر النهي في العبادات والمعاملات]

يرى المتتبع الموارد الأحكام في نصوص الكتاب والسنة، أن الشارع قد ينهى في حالات خاصة عن بعض الأعمال المشروعة للمكلف! كالصلاة، والصيام، والبيع، والنكاح وغيرها من عبادات ومعاملات. وقد اختلف العلماء في أثر نهي الشارع عن هذه الأعمال من حيث بقاؤها بعد النهي مشروعة، تترتب عليها آثارها، أو غير مشروعة، فلا تترتب عليها تلك الآثار.

وبيان اتجاهات العلماء في هذه المسألة، يقتضينا أن تعرض للنهي في حالتين:

الأولى: حالة الإطلاق: وهي ما إذا ورد، دون أن ترافقه قرينة تشعر بأن النهي عن العمل كان لذات المنهي عنه، أو لغيره.


(١) راجع: "أصول البزدوي" مع "كشف الأسرار" (١/ ٣٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>