للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يدل عليه اللفظ بصيغته، ولا بمعناه لغة. وإنما ثبت ضرورة صدق الكلام أو صحته.

وفرقٌ بين ما ثبت بصيغة اللفظ، أو معناه لغةً، فكان ثابتًا من كل وجه، وبين ما استدعته ضرورة تصحيح الكلام واستقامته، فزيد من أجلها، فهو غير ثابت فيما وراء استقامة الكلام وصحته.

[حالة التعارض وأثرها]

وإنما يظهر التفاوت عند التعارض؛ فإذا تعارضت دلالة الاقتضاء مع غيرها من الدلالات المتقدمة، قدمت هذه الدلالات على دلالة الاقتضاء، أخذًا بالأقوى دون الأضعف عند التعارض (١).

ولقد كان طبيعيًا أن يتقرر تقديم الدلالات الثلاث على دلالة الاقتضاء، نتيجة للتفاوت الذي ذكرناه، حيث يتأخر الأضعف عن الأقوى.

ولكن من الناحية العملية: قرر صاحب "كشف الأسرار" أنه لم يجد لمعارضة المقتضى للأقسام التي تقدمته نظيرًا (٢). ثم ساق مثالًا عدَّه تمحُّلا من بعض الشارحين، وردّه بانعدام المعارضة التي ادعاها ذلك الشارح، وبنى عليها المثال.

والمثال المشار إليه هو: (ما إذا باع رجل من آخر عبدًا بألفَيْ درهم، ثم قال البائع للمشتري قبل نقد الثمن: أعتق عبدك عني هذا بألف درهم، فأعتقه، فلا يجوز البيع؛ لأن دلالة النص في شأن ما ورد في حق زيد بن أرقم (٣) بفساد شراء ما باع بأقل مما باع قبل نقد الثمن (٤) توجب أن


(١) راجع: "كشف الأسرار" لعبد العزيز البخاري (٢/ ٥٥٦)، "مسلم الثبوت" مع "فواتح الرحموت" (١/ ٤١٢).
(٢) انظر: "كشف الأسرار" (٢/ ٥٥٦).
(٣) هو الصحابي أبو عمرو زيد بن أرقم الخزرجي المدني، غزا مع رسول الله سبع عشرة غزوة وروي له عن رسول الله سبعون حديثًا، نزل الكوفة وتوفي بها سنة ٥٦ وقيل سنة ٦٨ هـ.
(٤) حديث زيد بن أرقم أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" كما أخرجه كل من الدارقطني والبيهقي في "سننه"، ورواية عبد الرزاق في "المصنف" جاءت عن أبي إسحاق السبيعي عن =

<<  <  ج: ص:  >  >>