للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نرى ذلك مثلًا عند عبد العزيز البخاري من رجال المائة الثامنة للهجرة، كما نراه عند الكمال بن الهمام من رجال المائة التاسعة (١)، ومن تابعهما في هذه الطريق.

١ - فالقطعية: هي ما قطع فيها بموجَب الحكم المنصوص عليه؛ فوجوده يكون كذلك في المسكوت عنه الذي يراد تعدية الحكم إليه.

٢ - أما الظنية: فهي التي لم يقطع فيها بموجَب الحكم المنصوص عليه، أو لم يمكن القطع بوجوده في المسكوت عنه، لاحتمال أن يكون غيره هو المقصود.

ولقد كان مرد القطعية والظنية عندهم، أن المعنى المشترك بين المنطوق والمسكوت في الأولى معلوم قطعًا، بينما نراه في الثانية، وهو في حالة احتمال أن يكون غيرُه هو المقصود (٢).

[من دلالة النص القطعية]

١ - ويمكن التمثيل لدلالة النص القطعية بقوله تعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (٢٣)[الإسراء: ٢٣].

فدلالة النهي عن التأفيف، على تحريم إيذاء الوالدين بأي لون من ألوان الإيذاء، كالضرب، والشتم دلالة قطعية، لأنها تُعلم على سبيل اليقين، ويساعدنا في ذلك الأمر بالإحسان في صدر الآية.

ذلك لأن المعنى المقصود في تحريم التأفيف والنهر المنصوص عليهما،


(١) راجع: "كشف الأسرار" لعبد العزيز البخاري (١/ ٣٧)، "التحرير مع التقرير والتحبير" (١/ ١١٣ - ١١٥).
(٢) قال الشيخ عبد العزيز البخاري بعد أن تحدّث عن العلة وهي المعنى المقصود: (ثم إن كان ذلك المعنى المقصود معلومًا قطعًا كما في تحريم التأفيف: فالدلالة قطعية، وإن احتمل أن يكون غيره هو المقصود كما في إيجاب الكفارة على المفطر بالأكل والشرب: فهي ظنية) "كشف الأسرار" على "أصول البزدوي" (١/ ٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>