للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهب الصاحبان أبو يوسف ومحمد والأئمة الثلاثة إلى إيجاب القود.

وذلك لأن معنى القتل العمد الذي هو مناط الحكم في نظر أبي حنيفة: غير متحقق بالقتل بالمثقّل، بينما رآه الآخرون متحققًا به (١).

وقد مال الكمال بن الهمام إلى قول الصاحبين، واعتبره أوجَهَ من قول أبي حنيفة.

وأُراني معه فيما ذهب إليه؛ لأن القتل العمد العدوان، يتحقق بما لا تحتمله البنية من المثقّل، لأنه يزهق الروح بنفسه والجارح يزهق بواسطة السراية، فادعاء قصد القتل بالمثقل في العمدية مرجوح - كما قرر صاحب "التحرير" - وأدلة كل من القولين مبسوطة في مظانها من كتب الفقه والأصول (٢).

[رأينا في التقسيم]

هذا: وقد رأى بعض علماء الأصول أن تقسيم مفهوم الموافقة إلى قطعي وظني، لا يتفق مع القول بأن هذه الدلالة تدرك بمجرد معرفة اللغة من غير رأي واجتهاد، ولذلك لا بد من أحد أمرين: إما حصر مفهوم الموافقة بالقطعي، أو ذكر شيء يضمن انطباق التعريف (٣).


(١) راجع: "الهداية" مع "نتائج الأفكار" لقاضي زاده (٨/ ٢٥٠)، "إحكام الأحكام" لابن دقيق العيد (٢/ ٢٤٢) "تخريج الفروع على الأصول" (ص ١٩٧).
(٢) راجع: "تقويم الأدلة" للدبوسي (ص ٢٤٢) "أصول السرخسي" (١/ ٢٤٣)، "التيسير" مع "التقرير والتحبير" (١/ ١١٤ - ١١٥)، "المغني" لابن قدامة (٨/ ٦٣٨)، "منتقى الأخبار" مع "نيل الأوطار" (٧/ ٢٢١).
(٣) قال صاحب "التقرير والتحبير": (ولقائل أن يقول: القول بأن من الدلالة قسمًا ظنيًا تنازعته آراء الأئمة المجتهدين واختلفت فيه أفهام العلماء المبرزين، مع أن الدلالة ما يفهم من اللفظ بمجرد فهم اللغة من غير احتياج إلى رأي واجتهاد: مشكل، لظهور عدم صدق هذا عليه؛ فإن هذا يوجب توارد الأفهام عليه من غير خفاء ولا اختلاف كما في القسم القطعي. . . فالظاهر حينئذ: إما حصرها فيه، أو ذكر شيء في بيانها يصحح صدقها على هذا أيضًا، والله سبحانه أعلم).

<<  <  ج: ص:  >  >>