للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن هذا اعتبر ابن برهان هذا القول في حيز الإجماع (١)، ولم يعبأ الآمدي والعضد وابن الهمام - كما أسلفنا - بما حصل من مخالفة (٢).

وهكذا فالأمر يدل على مطلق الطلب الذي يمكن أن يتحقق بمرة، والنهي يقتضي الفور والتكرار.

[ما يدل عليه النهي بعد الوجوب وموقف الجويني]

كما بحث العلماء دلالة الأمر بعد الحظر، بحثوا دلالة النهي بعد الوجوب، وقد نقل الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني الإجماع على أن النهي بعد الوجوب للحظر، وليس للإباحة؛ فالنهي حين يرد - وقد سبقه الوجوب -: لا يعتبر هذا الوجوب السابق قرينة تصرف النهي عن التحريم إلى الإباحة (٣).

أما إمام الحرمين الذي توقف في دلالة الأمر بعد الحظر - كما ذكرنا سابقًا (٤) -: فقد توقف في هذه المسألة أيضًا، ولم يسلم بما ذهب إليه الأخرون فقال في "البرهان": (ذكر الأستاذ أبو إسحاق أن صيغة النهي بعد تقدم الوجوب محمولة على الحظر، والوجوب السابق لا ينتهض قرينة في حمل المنهي على رفع الوجوب، وادعى الوفاق في ذلك، ولست أرى ذلك مسلَّمًا، أما أنا: فساحبٌ ذيلَ الوقف عليه كما قدمته في صيغة الأمر بعد الحظر، وما أرى المخالفين يسلمون ذلك) (٥).

[موقف ابن الهمام من إمام الحرمين]

ويرى ابن الهمام أن كلام إمام المحرمين لا يكون وجيهًا في دفع ما قاله الآخرون إلا بالطعن في نقل الإجماع على هذه المسألة، ونقلِ الخلاف


(١) راجع: "التحرير" مع "التقرير والتحبير" (١/ ٣٢٩).
(٢) راجع: "مختصر المنتهى" مع "العضد" و"السعد" (٢/ ٩٧ - ٩٨).
(٣) راجع: "التحرير" لابن الهمام مع "التقرير والتحبير" (١/ ٣٢٩).
(٤) انظر ما سلف (٢/ ٣٠٠).
(٥) راجع: "البرهان" (١/ ٦١)، "التحرير" مع "التقرير والتحبير" (١/ ٣٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>