للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما المسلك الثاني: فقد جعل كلًا منهما دلالة، والمآل واحد. وسنشرع في بيان ما يتعلق بكل من المنطوق والمفهوم من طرق الدلالة، وما كان للعلماء فيهما من مذاهب، حيث ندرسها مع المقارنة، غير ناسين أن نقف عند بعض الأحكام الفرعية التي كانت من آثار الاختلاف في القواعد والأصول.

* * *

[المطلب الأول المنطوق]

ولقد قسّم المتكلمون المنطوق إلى قسمين:

منطوق صريح.

ومنطوق غير صريح (١).

أ - فالمنطوق الصريح: (هو دلالة اللفظ على الحكم بطريق المطابقة، أو التضمن، إذ إن اللفظ قد وضع له) وهو (عبارة النص) عند الحنفية.

وذلك كما في قوله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة: ٢٧٥] حيث دلّ النص بمنطوقه الصريح على جواز البيع وتحريم الربا.

ب - أما المنطوق غير الصريح: (فهو دلالة اللفظ على الحكم بطريق الالتزام؛ إذ إن اللفظ مستلزم لذلك المعنى).

فاللفظ لم يوضع للحكم، ولكن الحكم فيه لازم للمعنى الذي وضع له ذلك اللفظ. وذلك كالذي مرّ بنا سابقًا من دلالة قوله تعالى: ﴿وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ٢٣٣] على أن النسب يكون للأب لا للأم، وعلى أن نفقة الولد على الأب دون الأم.

فإن لفظ اللام لم يوضع لإفادة هذين الحكمين، ولكن كلًا منهما لازم للحكم المنصوص عليه في الآية (٢).


(١) "مختصر المنتهى" مع "شرح العضد وحواشيه" (٢/ ١٧١)، "مسلم الثبوت" مع "فواتح الرحموت" (١/ ١٣)، "التحرير" مع "التقرير والتحبير" (١/ ١١١).
(٢) انظر ما سبق من دلالة الإشارة (ص ٣٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>