للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كل ذلك بعضُه إلى بعض، إذ ليس بعض ذلك أولى بالإيقاع من بعض، ومن قال غير هذا فقد تحكم بلا دليل) (١).

[مسلك الشيرازي]

أما أبو إسحاق الشيرازي: فقد استدل على أن للعموم صيغة بأن العرب فرقت بين الواحد والاثنين والثلاثة فقالوا: رجل، ورجلان، ورجال، كما فرقت بين الأعيان في الأسماء فقالوا: رجل، وفرس، وحمار؛ فلو كان احتمال لفظ الجميع للواحد والاثنين كاحتماله لما زاد، لم يكن لهذا التفريق معنى. ثم إن العموم مما تدعو الحاجة إليه في مخاطباتهم، فلا بد أن يكونوا قد وضعوا له لفظًا يدل عليه كما وضعوا لكل ما يحتاجون إليه من الأعيان (٢).

[مسلك البزدوي]

وكذلك يرى البزدوي أن معنى العموم مقصود بين الناس شرعًا وعرفًا؛ فلا بد أن يكون له لفظ موضوع مختص به كسائر المقاصد، إذ الألفاظ لا تقصَّر عن المعاني التي يقصد بها تفهيم الغير (٣).

[مسلك السرخسي]

أما السرخسي: فقد قرر في أصوله (أن موجب العمل بالعام قوله تعالى: ﴿وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ﴾ [الزمر: ٥٥]. والاتباع لفظ خاص في اللغة بمعنى معلوم، وفي المُنزَل عام وخاص؛ فيجب بهذا الخاص اتباع جميع المنزل، والاتباع إنما يكون بالاعتقاد والعمل به وليس في التوقف اتباع للمنزل، فعرفنا أن العمل واجب في جميع ما أنزل على ما أوجبه صيغة الكلام إلا ما يظهر نسخه بدليل (٤).


(١) راجع "الإحكام" (٣/ ١١٨).
(٢) راجع: "اللمع" للشيرازي (ص ١٥).
(٣) راجع: "أصول البزدوي" مع "كشف الأسرار" (١/ ٣٠١).
(٤) راجع: "أصول السرخسي" (١/ ١٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>