أن يقع عليه التحريم، مع أن تفسير النص بشكل سليم يقضي بوجوب حمل التحريم في آية المحرمات على كل من ذكر منهن، وحمله في آية القتل علي كل نفس محرم الله قتلها إلا بالحق، إذ إن القول بالعموم يقضي بداهة بإنكار أن تُستباح نفس بلا دليل.
كما يقضي بحمل التحريم في حديث أصناف الربا الستة: على كل واحد منها بشكل كلي، وحمله في حديث تحريم المسكر: على كل مسكر يقع تحت الكلية المطلقة الواردة في الحديث سواء أكان من العنب أم من غيره.
ولقد كان ابن حزم ﵀ على حق حين قال:(وكل من تعدى هذا فقد أبطل حكم اللغة، وحكم العقل، وحكم الديانة).
وهكذا يمكن أن يظهر عوار مذهب أرباب الخصوص، حين يلزمهم ابن حزم في التحليل أو التحريم أن يفتشوا - لكل عين في ذاتها - عن دليل جديد (١).
[الحجة الثالثة]
وقال أرباب الخصوص: إن الخصوص هو القدر المستيقن دخوله تحت هذه الألفاظ، لأنها إن كانت موضوعة له: فهو المراد، وإن كانت للعموم: كان هذا القدر داخلًا في المراد. فعلى كلا التقديرين يلزم ثبوت أقل الجمع.
فلفظ "الفقراء والمساكين" مثلًا ينزل على أقل الجميع، أما الباقي فمشكوك فيه، ولا سبيل إلى إثبات حكم في الشك.
(١) راجع: "إحكام ابن حزم" (٣/ ١٠٠)، وانظر للرد على أرباب الخصوص أيضًا: "الإحكام" (٣/ ١١٦ - ١٢٤) هذا: ويلاحظ أن ابن حزم يكرر كثيرًا ويؤكد قوله: (لم ننكر - تجنيًا - تخصيص العموم بدليل نص آخر، أو ضرورةِ حسّ، وإنما أنكرنا تخصيصه بلا دليل).