للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وترك لهم اصطلاحهم دون نقد فقال: (وقد يمتنع بعض أهل العلم من أن يسمى هذا (قياسًا) ويقول: هذا معنى ما أحلّ الله وحرّم، وحمد وذم، لأنه داخل في جملته، فهو بعينه لا قياس على غيره.

ويقول مثل هذا القول في غير هذا، مما كان في معنى الحلال، فأحلّ والحرام، فحرّم.

ويمتنع أن يسمي (القياس) إلا ما كان يحتمل أن يشبَّه بما احتمل أن يكون فيه شبهًا من معنيين مختلفين، فصرفه على أن يقيسه على أحدهما دون الآخر).

ثم عرض إلى رأي آخرين من أهل العلم فقال: (ويقول غيرهم من أهل العلم: ما عدا النص من الكتاب والسنّة فكان في معناه: فهو قياس) (١).

وبهذا القول قال بعض الحنفية والشافعية والمالكية والحنابلة (٢).

وممن قال به من الشافعية: الشيرازي وإمام الحرمين والشاشي، وجنح إليه أيضًا الكثير من الزيدية (٣).

[حقيقة الاختلاف ورأينا في ذلك]

لقد قال قوم: إن الخلاف لفظي في هذه النقطة؛ فالكل متفقون على اعتبار هذا النوع من الدلالة على الحكم؛ سواء أسمَوه مفهوم الموافقة - دلالة نص - أم سمَّوه قياسًا جليًا.

فمَن نظر إلى إلحاق المسكوت بالمنطوق، على أنه إلحاق فرع بأصل لاشتراكهما في علة جامعة بينهما: اعتبره قياسًا جليًا.


(١) راجع: "الرسالة" باب الاستحسان (ص ٥١٢ - ٥١٧).
(٢) راجع: "التقرير والتحبير" (١/ ١٠٩)، "روضة الناظر" لابن قدامة (٢/ ٢٠١)، "المنهاج" مع "الإسنوي والشيخ بخيت" (٢/ ٢٠٤).
(٣) قال صاحب "منهاج الوصول": (قال كثير من أصحابنا: إن دلالة الفحوى من القياس فهي دلالة قياس لا منطوق خطاب ولا مفهوم، فقوله تعالى: ﴿فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ﴾ [الإسراء: ٢٣] دلالته على تحريم ضربهما قياسية لا نطقية). "منهاج الوصول" في أصول الزيدية (ق ١٠٩/ ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>