للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهكذا كان حكم ما بعد (حتى) مخالفًا لحكم ما قبلها.

وما يقال في (حتى) التي هي للغاية يقال في (إلى) فهي تأتي بمعنى الغاية أيضًا، فإذا دلّت بمنطوقها على وجوب الصيام بياضَ النهار، فإنها تدل بمفهومها المخالف على عدم وجوب الصيام في الليل.

٢ - ومنها قوله تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (٢٢٢)[البقرة: ٢٢٢].

فمدلول الآية من طريق المنطوق: تحريم إتيان النساء قبل أن يطهرن، وذلك بانتهاء زمن الحيض أو الاغتسال، على خلاف في المسألة (١).

أما مدلولها من طريق المفهوم المخالف: فهو جواز الإتيان بعد انتهاء زمن الحيض والاغتسال (٢).

٣ - ومثل ذلك قوله سبحانه: ﴿فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾ [البقرة: ٢٣٠].

فالمدلول الواضح لمنطوق الآية: تحريم المطلقة ثلاثًا على زوجها، واستمرار هذا التحريم حتى تتزوج برجل آخر.

أما مفهوم الآية المخالف: فهو أن المطلقة إذا نكحت زوجًا آخر: حلّت لزوجها الأول (٣).

[٤ - مفهوم العدد]

وهو دلالة النص - الذي قُيِّد الحكم فيه بعدد مخصوص - على ثبوت حكم للمسكوت مخالف لحكم المنطوق، لانتفاء ذلك القيد.


(١) راجع ما سبق (ص ٢٦٠).
(٢) راجع: "الإحكام" للآمدي (٣/ ١٠٠)، "أحكام القرآن" لابن العربي (١/ ١٦٥).
(٣) انظر: "الآمدي" (٣/ ١٠١)، "ابن الحاجب مع العضد والتفتازاني" (٢/ ١٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>