أخروية، فضرورة صدق الكلام تشمل كل الأفراد التي ينطوي تحتها لفظ الحكم الذي قدرناه.
أما الحنفية: فقد رأوا أن ضرورة التقدير - والضرورة تقدر بقدرها - تندفع بأحد نوعَيْ الحكم المقدّر. وما دام وضع الحكم الأخروي وهو المؤاخذة بالعقاب متفقًا عليه، فقد اكتفوا بتقديره، ورأوا في ذلك خروجًا من عهدة الإفادة وصدق الكلام، فتزول الضرورة، ولا يُتعدى إلى حكم آخر.
* * *
[من ثمرات الاختلاف في عموم المقتضى]
هذا وقد بنى العلماء على القول بعموم المقتضى، أو عدم القول به الكثير من الأحكام.
وفي الحديث المشار إليه عدد من الفروع المتعلقة بالخطأ والنسيان أو الإكراه، اختلفت أنظارهم في الحكم عليها بناءً على ما ذكرناه.
وفي طريق الحنفية سنسير على رأي المتقدمين الذين يرون في الحديث مثالًا لدلالة الاقتضاء، ولكن المقتضى لا عموم له. أما المتأخرون ما عدا الدبوسي: فقد رأينا أنهم اعتبروا المقدَّر في الحديث من "المحذوف" خروجًا من القول في الحكم أيضًا، لئلا يشمل الدنيوي والأخروي معًا، حيث قالوا: إنه من قبيل المشترك والمشترك لا عموم له.
١ - من هذه الأحكام: أن من تكلم في صلاته مخطئًا، أو ناسيًا، بطلت صلاته عند الحنفية؛ لأن الذي وضع عن الأمة في حديث ابن عباس هو الإثم المقتضي للعقوبة في الآخرة - كما أسلفنا - وليس البطلانَ المقتضي للإعادة وهو الحكم الدنيوي (١).
(١) راجع: "الهداية" مع "فتح القدير" (١/ ٢٨٠ - ٢٨١).