للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديث الشريف، من انضمام أوصاف معينة لهذا البعض، كالخطأ أو التسبُّب وغيرهما: مدعاة للبحث والتأمُّل عند العلماء والمجتهدين لإزالة الاشتباه، وكان ما رأينا من اختلافهم فيمن يعاقَب بمنع الإرث من مقتوله، بعد أن اتفقوا على الجاني الذي كان لفظ (القاتل) في الحديث ظاهرًا فيه، وهو القاتل العمد بدون وجه شرعي يبيح له القتل (١).

[حكم الخفي]

في ضوء ما تقدم: ندرك أن حكم الخفي وجوب النظر، من بحث ونأمُّل، ليعلم المجتهد ما إذا كان الغموض ناشئًا عن مزية، هي زيادة في المعنى الذي كان اللفظ ظاهر الدلالة فيه، أم لنقص في هذا المعنى.

فإن كانت المزية زيادةً في المعنى: عمل المجتهد بما أدّى إليه اجتهاده من إلحاق هذا الفرد بما ظهر المعنى فيه، فانطبق عليه وأخذ حكمه.

وإن كانت المزية: نقصًا نشأ من اختصاص بعض الأفراد باسم معين، أو


(١) هذا: وبمذهب المالكية أخذ قانون المواريث رقم ٧٧ لسنة ١٩٤٣ بمصر، فقد جاء في المادة الخامسة منه ما يلي:
من موانع الإرث قتل المورث عمدًا، سواء أكان القاتل فاعلًا أصليًا أم شريكًا، أم كان شاهد زور أدّت شهادته إلى الحكم بالإعدام وتنفيذه، إذا كان القتل بلا حق ولا عذر وكان القائل عاقلًا بالغًا من العمر خمس عشرة سنة. ويُعد من الأعذار تجاوز حد الدفاع الشرعي.
وعلى مثل ذلك نصّ القانون الإيراني في المادتين ٨٨٠ - ٨٨١ وهما كما يلي:
المادة ٨٨٠: القتل من موانع الإرث، فالذي يَقتل عمدًا من استحق هو في تركته لا يكون أهلًا لتلقي الإرث عنه، سواء أكان الفاعل وحده، أم كان واحدًا من القتلة.
المادة ٨٨١: لا تسري أحكام المادة السابقة إذا وقع القتل خطأ، أو كان تنفيذًا للقانون، أو حصل في حال الدفاع الشرعي عن النفس.
غير أن الملاحظ أن المادة الخامسة من القانون المصري أوضح في الدلالة على المراد مما نصّ عليه القانون الإيراني في مادتَيْه لما اشتملت عليه من القيود والصور، وانظر: المصدر السابق (ص ٧١ - ٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>