للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظاهر، إلى معنًى خاص غيرِ معلوم أراده الشارع من جديد. وهذا في نظرنا أغزر أنواع المجمل وجودًا؛ فكثير من المسميات أعطاها الشارع بعد الإسلام معنًى جديدًا وفقَ منهج الشريعة الجديدة؛ وذلك كالصلاة، والزكاة، وغيرهما من الألفاظ التي لها في العربية قبل الوضع الشرعي مدلول معين، وجاء الإسلام فأعطاها مدلولًا جديدًا خاصًّا، كساها نوعًا من الإجمال، ما كان من الممكن بيانه وتفصيله بالبحث أو الاجتهاد، وإنما تكفلت ببيانه السنّة القولية أو الفعلية (١) ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (٤٤)[النحل].

وبيان ما أردناء من مثالَيْ الصلاة والزكاة فيما يلي:

[الصلاة]

الصلاة في اللغة - على ما يقوله جماهير أهل اللغة والفقه - الدعاء (٢). وجاء الإسلام فأطلقها على العبادة المخصوصة، وإن كانت الصلة لم تنقطع بين المعنى اللغوي - وهو الدعاء - وبين المعنى الجديد.

قال ابن الأثير عند ذكر الصلاة: (وهي العبادة المخصوصة، وأصلها في


(١) راجع: "الرسالة" للإمام الشافعي بتحقيق وتعليق الشيخ أحمد محمد شاكر (ص ١٧٦ - ٢١٠).
(٢) قال الأعشى:
وصهباء طاف يهوديها … وأبرزها وعليها ختم
وقابلها الريح في دنها … وصلّى على دنها وارتسم
قال: دعا لها أن لا تحمض ولا تفسد.
وقال الأعشى أيضًا:
عليك مثل الذي صليت فاغتمضي … نومًا فإن لجنب المرء مضطجعا
قال ابن منظور: (معناه أنه يأمرها بأن تدعو له مثل دعائها، أي تعيد الدعاء له، ويروى: عليك مثلُ الذي صلّيت، برفع مثل، فهو رد عليها: أي عليك مثل دعائك، أي ينالك من الخير مثل الذي أردت لي ودعوت به لي) "لسان العرب" المادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>