لمفهوم المخالفة بأنواعه شروط اتفق عليها الآخذون به؛ فإذا توافرت اعتبروه طريقًا للدلالة على الحكم، وإذا لم تتوافر بأن تخلفت كلها، أو واحد منها، لم يتحقق مفهوم المخالفة عندهم من أصله، وهي شروط - كما سنرى - تحلُّ كثيرًا من العقد، وتمهد الطريق لتقارب مسالك الأئمة في شأن الأخذ بهذا المفهوم إلى حد بعيد.
ومن أهم هذه الشروط ما يلي:
الشرط الأول: ألّا يوجد في المسكوت المراد إعطاؤه حكمًا - وهو ضد حكم المنطوق - دليل خاص يدل على حكمه، فإن وجد هذا الدليل الخاص: فهو طريق الحكم، لا مفهوم المخالفة.
وفي نصوص الكتاب والسنّة العديد من النماذج التي كان للمسكوت فيها دليل خاص، فلم يؤخذ فيها بمفهوم المخالفة، وإنما أخذ للمسكوت ضد حكم المنطوق؛ من ذلك الدليل الخاص.
فمفهوم المخالفة في هذا النص: ألَّا يُقْتَل الذكَر بالأنثى، فلا يكون قصاص بينهما. ولكن العلماء اعتبروا أن مفهوم المخالفة لم يتحقق؛ لأن القصاص بين الرجل والأنثى، وجد فيه نص خاص يدل على وجوبه، وهو ما جاء في سورة المائدة من قول الله تعالى: ﴿وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ