وعندها نكون أمام غموض نسبي مرده دخول اللفظ في أشكاله واختلاف وجهات النظر عند المستنبطين. ويمكن الكشف عن هذا الغموض بالبحث والاجتهاد، والاستعانة بالقرائن التي تؤدي إلى ترجيح معنى من المعاني المرادة من ذلك النص.
وفي هذه الحال وأمثالها: حسبُ الباحث ما آل إليه الأمر من زوال الخفاء الذي يتسم به المجمَل، والذي لا ينكشف إلا ببيان من قبل المجمِل نفسه، والانتقالُ إلى خفاء نسبي يمكن أن يزول بالبحث والتأمُّل.
والنتيجة التي يمكن أن نخلص إليها هي: أنه سواء أكان البيان شافيًا، أم غير شاف: فهذا لا يتعارض مع المقرر المتفق عليه، بأن السنن - قوليةً وعمليةً وتقريرية - قد استوفت وظيفة البيان للكتاب، بحيث لا يبقى مجال للقول بوجود مشترك مثلًا قد انسدّ باب الترجيح فيه، الأمر الذي يدعو إلى وقف العمل به.
[هذا النوع هل يوجد في كلام الناس؟]
وفي ضوء ما تقدم، يمكننا القول بأن مجال وجود هذا النوع من المجمَل، إنما هو كلام الناس؛ حيث يكون له أثره في الالتزام وفروع الأحكام.
ولعل مما يؤيد ذلك: أن علماء الأصول الذين أرادوا التمثيل له، مثّلوا بمسألة فقهية مرتبطة بكلام مكلف يوصي لمواليه، ويموتُ قبل بيان الصنف الذي يريد من معتِقين أو معتَقين كما ذكرنا آنفًا (١).
وقد رأينا أن ظاهر مذهب الحنفية اعتبار الوصية باطلة، لجهالة الموصى له نتيجة لانسداد باب الترجيح في هذا المشترك، الذي هو الموالي، والذي أصبح مجملًا لا يمكن بيانه إلا ممن أجمله، إذ لا عموم للمشترك عند الحنفية بمعنى أنه لا يدل على أكثر من معنًى من معانيه مرة واحدة.