للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنه ليس بأمر شرعي، وإذا كان كذلك لا يحصل التفريق بينهما بهذه العلامة وهي وجود التغيير وعدمه.

وإن أريد أن عدم التغيير لازم في المقتضى، وليس بلازم في المحذوف، لم يتميز المحذوف الذي لا تغيير فيه عن المقتضى (١).

[موقف صاحب "فواتح الرحموت" ورأينا في ذلك]

هذا: وما أورده عبد العزيز البخاري والتفتازاني: وجيه في نظرنا، ولا يدفعه ما ذكره صاحب "فواتح الرحموت" من أن الذين فرقوا بين المحذوف والمقتضى لم يريدوا جمع الصور في الحذف والاقتضاء، وإنما أرادوا بعض الصور المختلف فيها (٢).

وذلك لأن الذين فرقوا بينهما من المتأخرين، كالبزدوي والسرخسي وأضرابهما لم يقولوا ما قاله صاحب "الفواتح" بعد زمن طويل، وقد قرر عبد العزيز البخاري أن التفريق كان مسلكًا جديدًا للمتأخرين، وفي مقدمتهم فخر الإسلام البزدوي، وقد خالفوا فيه حتى القاضي الدبوسي الذي كان مع الجمهور فيما هم عليه من عدم التفريق بين المقتضى والمحذوف.

على أن الذي دعاهم إلى التفريق - كما سنرى - عدم قولهم بعموم المقتضى، ووجود مسائل لا يمكن الإغماض عن العموم فيها، وليكن ما ذكره صاحب "فواتح الرحموت" رأيه هو، ويبقى الاعتراض على التفريق محتفظًا بوجاهته.

على أنه قد تابع التفتازاني في اعتراضه كثيرون من أمثال ابن ملك وغيره من شرّاح "المنار" وأوضحوا رأيهم بالعديد من الأمثلة (٣).


(١) راجع: "التلويح" مع "التوضيح" (١/ ١٤١)، "كشف الأسرار" (٢/ ٥٦٤ - ٥٦٥).
(٢) راجع: "فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت" (٢/ ٤١٢).
(٣) راجع: "شرح المنار" لابن ملك وحواشيه (١/ ٥٣٧ - ٥٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>