للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القانون المدني وإنما أنا أشرح مجموعة نابليون) وقال آخر: (إن شعاري وعقيدتي التي أومن بها، هي النصوص قبل كل شيء).

وهكذا فإن مجموعة نابليون في نظر هؤلاء الفقهاء، قد حوت القانون بأكمله، وواجب الفقيه التقيد بنصوصها، وعدم تجاوزها أو الخروج عليها.

على أن نظرة التقديس للنصوص بعد وضع القوانين، ظاهرة كثيرة الشيوع، وقد جاءت هذه المدرسة - كما أسلفنا - عقب حركة التقنين الكبرى في فرنسا؛ فليس بدعًا أن تتسم نظرة أولئك الفقهاء إلى تلك النصوص، يتلك السمة؛ حتى قال "لوران" البلجيكي - وهو أحد زعماء هذه المدرسة -: (إن التقنينات لم تدع مجالًا لتحكم الشارح، فليس من شأنه بعد الآن أن يضع القانون، إذ القانون قد وضع في نصوص تشريعية لا تحتمل الشك، فيتعين - حتى تحقق التقنينات فائدتها - أن يقنع الفقهاء والقضاة بمركزهم الجديد) (١).

[٢ - الاعتداد بإرادة المشرع عند التفسير وتقديسها]

لم يقتصر فقهاء مدرسة الشرح على المتون، على تقديس النصوص، بل تعدُّوا ذلك إلى تقديس إرادة الشارع نفسه. والواقع أن تقديس إرادة الشارع ترتبت على تقديس النصوص، لأنهم لم يقدسوا النصوص إلا لأنهم رأوا فيها التعبير عن إرادة المشرع، ولذلك قرروا أن وظيفة الشارح: إنما هي البحث عن إرادة الشارع الحقيقية عند وضع التشريع، فإن لم يتوفر ذلك بخصوص واقعة معينة، فعليه اللجوء إلى إرادته المفترضة، وهي الإرادة التي يفترض المفسر أن الشارع كان يقصدها، لو أراد وضع حل لتلك الواقعة المعروضة، ولا يجوز التفتيش عن إرادة محتملة بنسبها الفقيه إلى المشرع، لو أنه وضع تشريعه في الوقت الذي يطبق فيه (٢).


(١) انظر: الدكتور البدراوي (ص ٣٩٥ - ٣٩٦)، الدكتور عرفه (١/ ٢٠٩).
(٢) انظر: الدكتور البدراوي (٣٩٥ - ٣٩٦) الدكتور مرقس (ص ٣٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>