للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهكذا كان خروج المكلف من العهدة، منوطًا بالعمل بما يدل عليه النص - على اختلاف طرق الدلالة -. وكان عدم العمل بأي واحد يتعين العمل به من هذه الدلالات - على اختلاف قوتها - تعطيلًا للنص.

ونحن موردون هنا اصطلاح كل من الحنفية والمتكلمين في طرق دلالة ألفاظ النصوص من الكتاب والسنّة على الأحكام: حيث نبدأ بطريقة الحنفية جريًا على ما سلكناه فيما مضى، ثم نثنِّي بطريقة المتكلمين، غير ناسين أن نقف في أثناء ذلك عند معالم الاختلاف بين الفريقين؛ لترى أيّ طاقات أصولية وفقهية تكشفت عنها أمثال هذه المباحث، وما كان لذلك من أثر في مناهج تفسير النصوص، وما انبنى عليه من ثمرات في الفروع والأحكام.

[المراد بالنص هنا]

ونحب أن نقدّم بين يدَيْ مصطلح الفريقين: أنهم يطلقون النصوص في هذا المجال على غير ملفوظٍ مفهوم المعنى من الكتاب والسنّة، سواء أكان ظاهرًا أم نصًا أم مفسرًا. حقيقة أم مجازًا. خاصًّا أم عامًا. . . وليس المراد "النص" بالمعنى الاصطلاحي الذي مرّ في مباحث "واضح الدلالة من الألفاظ". وعلى هذا كان التمسك في إثبات الحكم بظاهر أو مفسر أو خاص أو عام - استدلالًا بعبارة النص لا غير - هو العمل بظاهر ما سبق الكلام له.

قال صاحب "كشف الأسرار" البخاري: (والمراد من العمل عمل المجتهد، وهو إثبات الحكم، لا العمل بالجوارح، كما إذا قيل: الصلاة فريضة لقوله تعالى: ﴿أَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ والزنى حرام لقوله جلّ ذكره: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا﴾ [الإسراء: ٣٢] فهذا وأمثاله هو العمل بظاهر النص والاستدلال بعبارته) (١).


= وانظر: "المدخل للعلوم القانونية" للدكتور البدراوي (ص ٢١٣ - ٢١٤)، "المدخل للعلوم القانونية" للدكتور سليمان مرقص (١/ ٢٠٣ - ٢٠٤) الطبعة الثالثة.
(١) "كشف الأسرار" مع "أصول البزدوي" (١/ ٦٧ - ٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>