للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا كان كذلك: وجب الاجتهاد لتعيين المعنى المراد، حيث يستعين المجتهد بالقرائن والإمارات، وحكمة التشريع، ومقاصد الشريعة على هذا التعيين (١).

ففي قوله تعالى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ﴾ [الأنعام: ١٢١] رجح الحنفية كون الواو للاستئناف في قوله: ﴿وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ﴾ فكان ذلك مؤيدًا لما اتجهوا إليه من أن النهي في الآية إنما هو عن الذبيحة التي لم يذكر اسم الله عليها مطلقًا سواء أذكر غيره كالأصنام أم لم يذكر، فمتروك التسمية من الذبائح على وجه العمد: حرام أكله عندهم (٢).

ويرجع الشافعية أن الواو في قوله: ﴿وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ﴾ للحال، فكان ذلك مؤيدًا لما ذهبوا إليه من أن المقصود في الآية النهي عما ذكر عليه غير اسم الله؛ كأن تذكر الأصنام مثلًا، فكأنه قال: ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه والحال إنه لفسق، أي: ذكر عليه غير اسم الله، ولذلك كان الحكم عندهم: حلَّ متروك التسمية من الذبائح، ولو كان الترك متعمدًا (٣).

وقد مر بنا في مبحث التخصيص بخبر الواحد والقياس ما كان للسنة من أثر فيما اتجه إليه كل مذهب، في هذا الحكم (٤).

[عموم المشترك]

حين لا تقوم القرينة التي تعين المعنى المراد من المشترك، بحيث ترجحه على غيره، هل يصح في هذه الحال أن يراد من المشترك كل واحد من معنييه أو معانيه بإطلاق واحد، بحيث يكون الحكم المتعلق به ثابتًا لكل


(١) راجع: "أصول الفقه" للخضري (ص ١٧٥)، "أصول الفقه" لخلاف (ص ٢١٢).
(٢) راجع: "الهداية" مع "العناية" (٨/ ٥٤ - ٥٥)، "أصول الفقه" للبرديسي (ص ٣٩٧).
(٣) راجع: "نهاية المحتاج" للرملي (٨/ ١١٢).
(٤) انظر ما سلف (٢/ ١٠٣ - ١٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>