للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلفظ الصيام موضوع لغة للإمساك، وجاء الشارع ليضعه للعبادة المعروفة، فعندما يرد في كتاب أو سنة، فالمراد المعنى الشرعي ما دامت القرينة المصارفة ثم توجد.

وإذا كنا نقرر أنه لا خلاف بين العلماء في لزوم الأخذ بالمعنى الذي تدل عليه القرينة، فإن الأنظار تختلف في تقويم هذه القرينة أو القرائن المرجحة لمعنى على آخر، فما يكون صالحًا للترجيح عند فريق، قد لا يكون صالحًا عند آخرين، وكثيرًا ما ينتج ذلك اتجاهَ كل إلى معنًى غيرِ المعنى الذي اتجه إليه غيره بناء على تفاوت الأنظار فيما يصلح للترجيح.

مثال الصرف بالقرينة قبوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٥٦)[الأحزاب: ٥٦] فإن الصلاة من الألفاظ المشتركة بين المعنى اللغوي - وهو الدعاء - والمعنى الشرعي، وهو الأقوال والأفعال المفتتحة بالتكبير المختتمة بالتسليم - كما مر في المجمل - وقد دلت القرينة اللفظية على أن المراد في هذا النص: المعنى اللغوي - وهو الدعاء - لا المعنى الشرعي الذي هو العبادة المخصوصة (١).

وهكذا يؤخذ بالمعنى الشرعي الذي وضعه الشارع للفظ، إلا إذا توافرت القرينة بإرادة المعنى اللغوي، لأن الشارع عندما نقل اللفظ عن معناه اللغوي إلى المعنى الخاص الذي استعمله في خطابات الشريعة، كان هذا اللفظ في لسان الشارع متعين الدلالة على ما كان اصطلاحًا للشارع، لأن المطلوب في التشريع - كما أسلفنا - هو العمل بما تدل عليه الألفاظ (٢).

الحالة الثانية: أن يكون اللفظ المشترك الوارد في النص الشرعي مشتركًا بين معنيين أو عدة معان، وليس للشارع عرض خاص يعين واحدًا من المعنيين. أو المعاني التي وضع لها المشترك.


(١) راجع: "أصول الخضري" (ص ١٧٥)، "أصول الفقه" لخلاف (ص ٢١١)، "أصول الفقه" للبرديسي (ص ٣٩٧).
(٢) "أصول الحضري" (ص ١٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>