وأخيرًا: فنحن وإن كنا نميل إلى عدم اعتبار الربا من المجمَل - كما أوضحنا ذلك - فإنا نرى أن الذين جنحوا إلى اعتباره من المجمَل: لم يتنكبوا الجادة التي رسموها لتعريفه، ولكنهم تجوّزوا - في نظرنا - حين غلَّبوا كون لفظ (الربا) انتقل من المعنى اللغوي - الذي هو الزيادة والنماء - إلى معنى جديد شرعي جاءت به السنّة - نظير ما نرى في الأسماء الشرعية كالصلاة، والزكاة، والحج ونحوها - دون أن يقيموا وزنًا لمعرفة العرب بنوع من الربا جاء القرآن بتحريمه، وردَّ مقالة مَن ادّعوا مماثلته للبيع في الحل.
لذا عبّرنا في صدر حديثنا عدم انطباق التعريف عليه، ولم نقل ما يشعر بأكثر من ذلك.
على أن هؤلاء الأئمة ﵏، لا يرون ضرورة انطباق التعريف تمامًا على المثال. وقد مرّ بنا في بعض أقسام واضح الدلالة، أن المراد من المثال: الدلالة والبيان، لا تمامُ الانطباق بكل ما في هذه الكلمة من معنى.
من المجمَل في نصوص القوانين:
كثيرًا ما ترد في القوانين ألفاظ مجملة، تحتاج إلى إزالة الإبهام وإيضاح ما فيها من غموض، ويُرى أن اللوائح التنفيذية للقوانين تلعب دورًا هامًا في بيان ذلك الإجمال، وإذا ما حدثت صعوبةٌ ما في تطبيق نص من النصوص القانونية، فإن من حق المشرع - وقد يطلب إليه ذلك أحيانًا - أن يصدر قانونًا تفسيريًا يزيل الإبهام والغموض، ويوضح ما أراد من ذلك النص القانوني الذي اتسم بالخفاء والإبهام. وعلى كلٍّ فالتفسير يصدر ممن له حق التفسير.
١ - مثال ذلك: كلمة (الرجوع) الواردة في قانون الوصية المصري رقم / ٧٨/ لسنة ١٩٣١ المنظم للتقاضي في المحاكم الشرعية. فقد نصّ القانون المذكور على أن "الرجوع في حال الإنكار لا تسمع الدعوى فيه إلا بورقة رسمية، أو ورقة عرفية كتبت كلها بخط المتوفى وعليها توقيعه". وقد اكتنف الإبهام كلمة (الرجوع) حتى أصدرت السلطة التي لها حق التفسير القانون رقم