للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد اتفق جمهور العلماء على تحريم الربا في الأصناف الستة التي جاءت بها السنّة، ولكنهم اختلفوا في تعيين العلة التي من أجلها كان التحريم، ليكون القياس في الأصناف الجديدة، ويصار إلى معرفة حكمها.

أما الظاهرية: فالتحريم عندهم غير معلَّل؛ لأنهم من نفاة القياس، فلا تحريم في غير الأصناف السنة المذكورة في الحديث (١).

هذا ونودُّ أن نشير إلى أن الحكم على لفظ (الربا) الموجود في القرآن، بأنه (مجمل) بيّنته السنّة، قد ذهب إليه بعض العلماء من غير الحنفية، بل اعتبروه مما فسّرته السنّة، لا مما فسحت الطريق لبيانه فقط.

فقد ذكر النووي في "المجموع" عن الماوردي من الشافعية (٢) أنه قال: (واختلف أصحابنا فيما جاء به القرآن الكريم من تحريم الربا على وجهين: أحدهما: - أنه مجمل فسّرته السنّة - وكل ما جاءت به السنّة من أحكام الربا: فهو بيان لمجمل القرآن نقدًا أو نسيئة.

الثاني: أن التحريم الذي جاء في القرآن، إنما تناول ما كان معهودًا للجاهلية من ربا النّساء، وطلب الزيادة في المال .. ثم وردت السنّة بزيادة الربا في النقد، مضافًا إلى ما جاء به القرآن، وهذا قول أبي حامد المروزي) (٣).

وممن قال بهذا، ومنع أن يكون الربا في الآيات من المجمل ابن العربي ، وتبعه القرطبي (٤).


(١) راجع: "المحلى" لابن حزم (٨/ ٤٦٩) فما بعدها.
(٢) هو أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب البصري المعروف بـ (الماوردي)، من وجوه فقهاء الشافعية وكبارهم، وكان من العلماء الباحثين، ومن أقضى قضاة عصره، والماوردي نسبة إلى ماء الورد. من تصانيفه: "الحاوي" في الفقه الشافعي نيف وعشرون جزءًا، "أدب الدنيا والدين"، "الأحكام السلطانية"، "أعلام النبوة"، "نصيحة الملوك والحكومات"، "معرفة الفضائل"، "الأمثال والحِكَم" وغير ذلك. توفي الماوردي في بغداد سنة ٤٥٠ هـ. انظر: "وفيات الأعيان" لابن خلكان (٢/ ٤٤٤) "الأعلام" للزركلي (٥/ ١٤٦ - ١٤٧) وقد تقدمت ترجمته بأخصر من هذا في ص ٦١ ج ٢.
(٣) راجع: "المجموع" للنووي، شرح "المهذب" للشيرازي (٩/ ٣٩١).
(٤) راجع: "أحكام القرآن" لابن العربي (١/ ٢٥٠ - ٢٥١)، "تفسير القرطبي" (٣/ ٣٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>