ب - أما صاحب "منهاج الوصول" فبعد أن أتى على ذكر القولين في نفي مفهوم الشرط وإثباته قال: (وقد صحح الأصحاب القولَ الأول - يعني النفي - وتابعناهم حيث قلنا: إنما يدل اللفظ على المعنى الذي وُضع له بظاهره، لأنه يوضع ليفيد المعنى عند سماع حروفه، والمفهوم ليس بظاهر، فلا تكون دلالته لفظية)(١) فهذا نفي لمفهوم الشرط وعدمُ اعتباره دليلًا.
[موقف وسط]
ج - ثم أراد صاحب "منهاج الوصول" أن يتوسط في الأمر بين المثبتين والنافين، فقرر قبوله للأخذ بمفهوم الشرط، إذا حصلت دلالة أو أمارة تقتضي أنه لا شرط يقتضي ذلك الحكم، غير هذا الشرط، وبذلك لا يستقل مفهوم الشرط في الدلالة على الحكم، ولكن يدل عليه إذا اقترن أمارة مصاحبة، ولذا كان لزامًا على المجتهد البحث والتفتيش عن الأمارات المقتضية للحكم الشرعي، ثم تكون الثمرة عن بيِّنة وهًدى.
ولنترك الكلام لصاحب الفكرة يوضحها كما يشاء.
قال ﵀: (ليس لنا أن نقطع بانتفاء المشروط لمجرد انتفاء شرط معين، لجواز أن يكون للحكم شروط متعددة، فإذا لم يثبت الحكم لانتفاء هذا الشرط وجوّزنا أن لذلك الحكم شرطًا آخر - إن حصل قام مقام هذا الشرط في اقتضاء الحكم - لم نقطع بانتفاء الحكم لمجرد انتفاء ذلك الشرط، بل له ولحصول دلالة أو أمارة تقتضي أنه لا شرط يقتضي ذلك الحكم غير هذا الشرط، فحينئذ يُقطع بانتفاء الحكم عند انتفاء الشرط، وإذا كان كذلك: فمفهوم الشرط لا يستقل دليلًا على انتفاء المشروط بانتفائه، بل مع ضميمة، فبذلك يبطل قول من أطلق كونه دليلًا مأخوذًا به، ويبطل قول من أطلق أنه لا يؤخذ به.
وبعد أن قرر - أن الطريق إلى معرفة كون الحكم ليس له شروط إذا انتفى أحدها جاز أن يخلفه الآخر: إنما هو البحث والتفتيش عن الأدلة