إنما هو الإيذاء، ولا شك أن تحقق هذا المعنى في أمثال الضرب والشتم من أنواع الأذى من الوضوح بمكان.
٢ - ومثل ذلك ما رأيناه في الحديث عن أهل الكتاب من قوله تعالى: ﴿وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٧٥)﴾ [آل عمران: ٧٥].
فإنا نحكم بقطعية الدلالة في الشطر الأول من الآية حين دلّت على تأدية ما دون القنطار، وذلك لأنا نقطع بأن الأمانة هي المعنى المقصود في تأدية ما دون القنطار المسكوت عنه؛ فإن مَن يكون أمينًا في الكثير ويؤديه إلى صاحب الحق متى طلب منه، فهو في القليل وأدائه عند الطلب أمين على وجه القطع بالأولى.
وما قيل في شطر الآية الأول، يقال في شطرها الثاني، على اختلاف في المعنى بين الأمانة والخيانة.
وهكذا توافر في المثالين المذكورين ما جعلنا نحكم بأن دلالة النص قطعية في كل منهما، إذ إن المعنى المقصود الذي اشترك فيه المنطوق والمسكوت، معلوم على سبيل القطع.
[من دلالة النص الظنية]
ومثال الدلالة الظنية: إيجاب الكفارة بالأكل أو الشرب عمدًا في نهار رمضان بدلالة النص، بعد أن ثبت وجوبها بالوقاع فيه عمدًا بعبارة النص.
فقد ذهب إلى ذلك الحنفية، والمالكية؛ وهو المحكي عن عطاء، والزهري، والحسن، والثوري، والأوزاعي، وإسحاق.
أما الشافعي وأحمد: فلم يوجبا الكفارة بذلك. وهو قول سعيد بن والنخعي، وابن سيرين، وحماد (١).