للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى أي شيء مآل هذا الأمر: أي مصيره وعقباه. وكذا قالوا في قوله جلّ ثناؤه: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ﴾ [آل عمران: ٧] أي لا يعلم الآجال والمُدَدَ إلا اللهُ، لأن القوم قالوا في مدة هذه الملة ما قالوه؛ فأُعلموا أن مآل الأمر لا يعلمه إلا الله جلّ ثناؤه، واشتقاق الكلمة من المآل: وهو العاقبة والمصير (١) ومنه يقال: تأوَّل فلان الآية الفلانية: أي نظر إلى ما يؤول إليه معناها (٢).

ثانيًا - التأويل عند السلف:

ويبدو أن التأويل بالمعنى الذي كشفنا عنه في اللغة، كان هو سبيلَ السلف في تحديد معناه، وما يراد به عند أخذ الأحكام من النصوص؛ فالقرآن نزل بلسان عربي، وهم يفهمونه على أساليب العربية ومدلولات ألفاظها في الخطاب. قال شيخ الإسلام ابن تيمية (٣): كان لفظ التأويل في عرف السلف، يراد به ما أراده الله تعالى بلفظ التأويل في مثل قوله: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ﴾ [الأعراف: ٥٣] وقوله: ﴿ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (٥٩)[النساء: ٥٩] وقوله: ﴿يَاأَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ﴾ ﴿وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ﴾


= للهجرة. من مصنفاته: "مقاييس اللغة"، "أصول الفقه"، "غريب إعراب القرآن"، "جامع التأويل في تفسير القرآن"، "الصاحبي" الذي ألّفه لخزانة الصاحب بن عباد. توفي في الري سنة ٣٩٥ هـ. وانظر: مقدمة الصاحبي في ترجمة المصنف.
(١) راجع: "الصاحبي" لابن فارس (ص ١٦٤) وقد روى هناك قول عبدة بن الطبيب:
وللأحبة أيام تذكرها … وللنوى قبل يوم البين تأويل
(٢) راجع: "مقدمة التفسير" للراغب الأصفهاني (٤٠٢ - ٤٠٤).
(٣) هو أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام، الإمام المجاهد، شيخ الإسلام تقي الدين بن تيمية، أربت آثاره على ثلاثة آلاف مجلد، من أهم مصنفاته: "منهاج السنّة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية"، "الفتاوى". توفي في دمشق سنة ٧٢٨ هـ.
"فوات الوفيات" لابن شاكر (١/ ٧٧)، "الأعلام" (١/ ١٤٠)، "مقدمة منهاج السنّة النبوية" (ص ٥ - ٧) لمحققه الدكتور محمد رشاد سالم.

<<  <  ج: ص:  >  >>