[المطلب الأول مسالك العلماء في حمل المطلق على المقيد]
كان فيما ذكرناه آنفًا: بيان حكم الخاص المطلق، إذا ورد مطلقًا في نصر ولم يرد مطلقًا في نص آخر، أو لم يقم عند العلماء دليل على تقييده، وبيان حكم المقيد إذا ورد مقيدًا في نص، ولم يرد مطلقًا في نص آخر، أو لم يقم دليل أن المراد به الإطلاق لا التقييد، وحكم ما جاء مطلقًا وورد نص بتقييده.
وفي مقابل ذلك: تعرض حالات أخرى لا بد من بيان حكم كل من المطلق والمقيد فيها.
ومنشأ هذه الحالات كلها: أن يرد اللفظ مطلقًا في نص، ويرد هو بعينه مقيدًا في نص آخر، ففي مثل هذا الوضع: هل يعمل بكل من المطلق والمقيد في موضعه، ويؤخذ الحكم من مدلول كل منهما على حدة، أم يحمل المطلق على المقيد، ويكون المراد بذلك المطلق الوارد في هذا النص، هو المقيد الوارد في نص آخر؟
الواقع أن مذاهب العلماء تعددت في الموضوع، وقبل أن نعرض لتلك المذاهب، نود أن نشير إلى أن حمل المطلق على المقيد معناه: بيان المقيد للمطلق بأن يقلل من شيوعه. فبدلًا من أن يكون مدلول
اللفظ حكمًا في فرد منتشر، يصبح حكمًا في فرد مقيد بالقيد نفسه