للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأوجب النص القرآني صوم الشهرين وقيَّدهما بأن يكونا متتابعين، وهكذا لا يكون من وجبت في حقه كفارة الصيام هذه مؤديًا ما وجب عليه، خارجًا من العهدة: إلا إذا صام شهرين متابعين، فلا يجزئه عمومهما متفرقين ولو فعل، لم يخرج من العهدة واعتبر كأنه لم يكفِّر (١).

ففي الكفارتين المذكورتين: كفارة القتل، وكفارة الظهار، وردَ النص بقدر معلوم من المدة الزمنية، مقيَّدٍ بوصف التتابع، فيجب العمل بهذا الفيد ما دام لم يثبت دليل يُخرج المقيد إلى الإطلاق.

وكما لا يجوز الإخلال بالقدر المنصوص وهو الشهران: فكذا لا يجوز الإخلال بالوصف الذي قيدا به وهو التتابع (٢).

ولقد أوضح شمس الأئمة السرخسي - كما أسلفنا - بأن كل صوم في القرآن لم يذكره الله متتابعًا: فله أن يفرقه، وما ذكر متتابعًا: فليس له أن يفرقه، ثم قال : (أما المذكور متتابعًا: فصوم كفارة القتل وكفارة الظهار، فإن النص ورد بقدر معلوم مقيد بوصف، وكما لا يجوز الإخلال بالقدر المنصوص، فكذا بالوصف المنصوص) (٣).

* * *


(١) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١٧/ ٢٨٣ - ٢٨٤).
(٢) راجع: "المبسوط" (٣/ ٧٥)، "الهداية" مع "فتح القدير" و"العناية" (٣/ ٢٣٣) فما بعدها.
(٣) راجع: "المبسوط" (٣/ ٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>