للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في ادعاء الاشتراك، أو الإجمال في ألفاظ العموم. بل كانوا يستدلون بهذا تارة، وبذلك تارة أخرى، كما كشف عن ذلك صاحب "التلويح" (١).

[مسلك الإمام ابن حزم]

أما ابن حزم: فقد كان له من أهل هذا المذهب موقف لا يُغني عن بحثه والتأني في الوقوف عنده، ما مررنا به من مناقشة بعض أئمة الأصول لهذه الطائفة من الباحثين؛ لأن الوقف والأخذ بالظاهر: على طرفي نقيض. وقد أورد أبو محمد للواقفية من خلال منهجه الخاص عددًا من الحجج التي يعوزها التنظيم والتسلسل، وتولى الرد عليها. وسنعرض لطائفة مما استطعنا - بعد لأيٍ - استخلاصه من تلك الحجج والرد عليها، وبيان ذلك فيما يلي:

[الحجة الأولى]

كان فيما أورده ابن حزم على لسان الواقفية: أن الألفاظ مقتضيةٌ للعموم بصيغها حين وُجدت؛ كما لا يوجد اسم السواد على البياض. فلما وجدنا ألفاظًا ظاهرُها العموم، والمرادُ بها الخصوص: علمنا أنها لا تحمل على العموم إلا بدليل (٢).

[رد ابن حزم]

ويرد ابن حزم على هذه الحجة ردًا يأخذ طريقه على مرحلتين:

أ - يقرر أبو محمد أن وجود الفاظ منقولة عن موضوعها في اللغة،


(١) انظر: "التلويح" (١/ ٣٨).
(٢) راجع: "الإحكام في أصول الأحكام" لابن حزم (٣/ ٩٨) فما بعدها.
هذا: وقد أوردنا هذه الحجة من قريب حيث ذكرها على لسان الواقفية بعض الأصوليين غير ابن حزم وهناك رأينا أن الواقفية مثلوا لما ذهبوا إليه هنا بقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ﴾ الآية إذ كان ظاهر اللفظ "الناس" عامًا والمراد به فرد من أفراده وهو الصحابي نعيم بن مسعود أو أعرابي آخر حسب اختلاف الروايات. وكان رد العلماء - كما سلف - أن ذلك من المجاز المعروف في اللغة عند أئمة العربية. انظر ما سلف (٢٧ - ٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>