للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أن بعض الفضلاء قد جعل الآية تتردد بين النص والظاهر (١) فاعتبر من أمثلة تعارض المحكَم مع النص أو الظاهر قوله تعالى: ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ. . .﴾ الآية [النساء: ٢٤]، ثم أتى بآية الأحزاب للمحكَم.

ومعلوم أن العلماء يسوقون قوله تعالى: ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ. . .﴾ الآية، كما رأينا، مثالًا للظاهر في حل ما زاد على الأربع من غير المحرمات، حيث يعارض قوله سبحانه: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ﴾ وهو نص في الاقتصار على أربع زوجات.

وهكذا تكون الآية الكريمة على رأي أولئك قد استخدمت ظاهرًا في مقابلة النص، ونصًا في مقابلة المحكَم.

وإذا كان الأمر كذلك، فلعل آية التعدد - وهي نص - في تحديد ما احلّه الله من الزوجات الحرائر بأربع: أولى بالتمثيل للتعارض بين المحكَم والنص من آية حل ما زاد على الأربع، في مقابلة آية الأحزاب المحكمة في تحريم الزواج بأي من زوجات الرسول بعد وفاته.

وبذلك نكون قد قدّمنا أنموذجًا سليمًا للتعارض بين النص والمحكَم.

فآية التعدد في سورة النساء: نص في حل الأربع من غير المحرمات، وآية الأحزاب محكمة في شأن زوجات النبي ، فيقدم المحكَم على النص، ويحمل النص عليه.

ثالثًا - التعارض بين النص والمفسَّر:

وقد مثَل بعض الأصوليين للتعارض بين النص والمفسّر من السنّة، بروايتين لحديث ورد في شأن وضوء المستحاضة للصلاة (٢).

أما الرواية الأولى: فهي التي جاءت عن عروة عن عائشة قالت:


(١) انظر: "سلم الوصول" لعمر عبد الله (ص ٢٢٣) الطبعة الثانية.
(٢) "كشف الأسرار" لعبد العزيز البخاري (١/ ٥١)، ابن ملك على "المنار" (١/ ٢٥٨)، "نور الأنوار" للميهوي (١/ ١٤٥ - ١٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>