للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"وجاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى رسول الله فقالت: إني أُستحاض فلا أطهر، أفأدع الصلاة؟ قال: "لا، إنما ذلك عِرق وليس بالحيضة، فاجتنبي الصلاة أيام محيضك، ثم اغتسلي وتوضئي لكل صلاة وصلِّي وإن قطر الدم على الحصير" (١).

وأما الرواية الأخرى - كما يقولون -: فقد جاءت بلفظ: "توضئي لوقت كل صلاة" (٢).

فالحديث في الرواية الأولى: يدل على وجوب الوضوء على المستحاضة لكل صلاة، فلا يصح لها أن تصلي بوضوء واحد أكثر من فريضة واحدة، ولو في وقت واحد، أداءً كانت تلك الصلاة أو قضاء، غير أن لها أن تصلي النافلة.

وقد ذهب إلى ذلك الشافعي، وحكي عن عروة بن الزبير، وسفيان الثوري، وأحمد، وأبي ثور.

ويدل الحديث في الرواية الثانية، على وجوب الوضوء على المستحاضة، لوقت كل صلاة، لا لكل صلاة.

وعلى ذلك، يصح لها أن تصلي بوضوء واحد، ما شاءت من الفرائض والنوافل ما دام وقت الصلاة باقيًا.

وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن وزفر (٣).


(١) رواه أحمد (٢٤١٤٥) و (٢٦٢٥٥) والبخاري ومسلم وابن ماجه، كما أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي وابن حبان "نيل الأوطار" (١/ ٢٩٩). وقد ذكره الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (١/ ٦٢)، وابن حزم في "المحلى" (١/ ٢٥٣).
وانظر: البخاري: (٢٢٨)، مسلم (٣٣٣)، أبو داود (٢٨٢)، الترمذي (١٢٥)، النسائي (٣٥٧)، ابن حبان (١٣٤٨).
(٢) ذكره صاحب "الهداية" وانظر: "فتح القدير" (١/ ١٢٥) غير أن الزيلعي في "نصب الراية" (١/ ٢٠٤) قال: غريب جدًّا، وقد ذكر بعضهم أن الإمام أبا حنيفة رواه.
(٣) "شرح معاني الآثار" للطحاوي (١/ ٦٤)، "المبسوط" للسرخسي (٢/ ١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>