للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التكرار هو الذي دعا هذا الصحابي - وهو من أهل اللسان - أن يستفهم من الرسول صلوات الله وسلامه عليه عن التكرار.

ولكن يرد على هذا الاستدلال أن كون الأمر ظاهرًا في المرة، لا يستلزم كون السؤال في محل الحاجة؛ لجواز العمل بما كان الأمر ظاهرًا فيه - وهو المرة - دون الحاجة إلى الاستخبار عن الاحتمال المرجوح وهو التكرار.

وهذا بخلاف ما لو كان مراد المتكلم خفيًا على السامع، فإن السؤال حينئذ يكون في محل الحاجة.

ثم يقال هنا أيضًا ما قاله الأكثرون في رد وجوب التكرار: من أن الإشكال عند الأقرع، قد يكون مرده سبب الحج؛ فإذا كان السبب هو الوقت، فمعنى ذلك أن الحج مطلوب على التكرار، قياسًا على الصلاة والصوم وغيرهما، وإذا كان السبب هو البيت، فالمحج غير مطلوب على التكرار؛ لأن البيت لا يتكرر.

ومن هنا يكون ما نُفي به وجوب التكرار، صالحًا لنفي احتمال التكرار بعد المرة (١).

وهكذا يُرى أن الاستدلال على أن الأمر للمرة مع احتمال التكرار - بحديث الأقرع بن حابس - لم يسلم لأصحابه.

[حول نسبة المذهب إلى الشافعي]

درج أكثر علماء الأصول من الحنفية على نسبة هذا المذهب إلى الإمام الشافعي ، فتراهم يوردون القول باحتمال التكرار في مقابل القول بوجوبه، مع الاستدلال له، والرد على هذا الاستدلال أو تركه ثم إقامة الدليل على المذهب المختار.

فالبزدوي يعرض لمذهب احتمال التكرار ويقول: (وهو قول الشافعي) (٢)


(١) راجع: "أصول البزدوي" مع "كشف الأسرار" (١/ ١٣٥). وانظر ما سلف (ص ٢٥٤)، الزنجاني (ص ٣٣)، ابن حزم (٣/ ٧٥)، "مفتاح الوصول" التلمساني (ص ١٩).
(٢) "أصول البزدوي" (١/ ١٢٥) مع "كشف الأسرار".

<<  <  ج: ص:  >  >>