للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب - وإلى القول الثاني - وهو اعتبار أن (الذي بيده عقدة النكاح) هو الولي - جنح مالك فيما رواه عنه ابن وهب، وأشهب، وابن عبد الحكم، وابن القاسم، ورواه البيهقي عن الشافعي في القديم وقال: (ثم رجع - يعني الشافعي - في الجديد إلى القول الأول، وهو القول الأصح والله أعلم بالصواب) (١).

[الاحتجاج للقول الأول]

وكان من الحجج المؤيدة للقول الأول: أن حق العفو؛ من هبة، أو إسقاط، إنما هو لمن يملك، والولي لا يملك.

وإذا كان الله قد أمر بعدم نسيان الفضل: فأي فضل في أن يتصرف الإنسان بمال غيره، ولا شك أن ذلك ليس أقرب للتقوى، وإنما الأقرب للتقوى أن يعفو في حدود ملكه، فيتنازلَ حيث أمر الله بالتنازل، وذلك كله ينطبق على الزوج ولا ينطبق على الولي.

والإجماع منعقد على أن الولي، لا يملك أن يهب شيئًا من مال موليته، والمهرُ مالُها.

وكذلك أجمع العلماء على أن الولي، لو أبرأ الزوج من المهر قبل الطلاق: لم يجز، فكذلك بعده.

واحتج بعضهم بما روى الدارقطني من حديث قتيبة بن سعيد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله : "ولي عقدة النكاح الزوج" (٢).

وبيان ما أجملناه فيما يلي:

لقد كانت عمدة الاحتجاج عند الشافعي ، أن العفو إنما يكون لمن


(١) "السنن الكبرى" للبيهقي (٧/ ٢٥٢). وراجع: "بداية المجتهد" لابن رشد (٢/ ٢٥).
(٢) الدارقطني (٣٧١٨) وذكره ابن قدامة في "المغني" (٦/ ٧٢٩) كما ذكره البيهقي من رواية ابن لهيعة وقال: هذا غير محفوظ، وابن لهيعة غير محتَج به، والله أعلم "السنن الكبرى" (٧/ ٢٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>