للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مسلك القائلين بمجرد الطلب]

١ - استدل القائلون بأن الأمر لمجرد الطلب دون فور أو تراخ إلا بقرينة، بما استدلوا به على أنه لا يدل على الوحدة أو الكثرة إلا بقرينة؛ وهو ما ثبت لديهم من إطباق أهل العربية على أن صيغة الأمر لا دلالة لها على الطلب دون خصوص زمان، أما خصوص المطلوب فعله: فهو من المادة، ولا دلالة لها إلا على مجرد الفعل، فحصل من مجموع الصيغة والمادة: أن تمام مدلول الصيغة والمادة هو طلب الفعل دون تقييد بالفور أو التراخي.

وإذا كان مدلول الأمر هو طلب حقيقة الفعل: فالفور والتراخي أمران خارجان عن الحقيقة؛ إذ هما من صفات الفعل فلا دلالة الأمر عليهما، وإنما يفهم ذلك بالقرائن، فلا بد من جعلها حقيقة في القدر المشترك بين الفور والتراخي.

والموضوع لإفادة القدر المشترك بين القسمين، لا يكون فيه إشعار بخصوصية أحدهما على التعيين، لأن تلك الخصوصية - كما يقولون - مغايرة لمسمى اللفظ، وغير لازمة.

وهكذا يثبت لدينا أن اللفظ في الأمر، لا إشعار له بخصوص كونه فورًا، ولا بخصوص كونه تراخيًا (١). قال التلمساني في "مفتاح الوصول": (والمحققون من الأصوليين يرون أن الأمر المطلق لا يقتضي فورًا ولا تراخيًا، لأنه تارة يتقيد بالفور، كما إذا قال لعبده: "سافر الآن"، فإنه يقتضي الفور، وتارة يتقيد بالتراخي، كما إذا قال له: "سافر رأس الشهر" فإنه يقتضي التراخي، فإذا أمره بأمر مطلق من غير تقييد بفور ولا بتراخٍ، فإنه يكون محتملًا لهما، وما كان محتملًا لشيئين، فلا يكون مقتضيًا لواحد منهما بعينه) (٢).


(١) راجع: "أصول البزدوي" مع "كشف الأسرار" (١/ ٢٥٤). وانظر: "مختصر المنتهى" مع "العضد والسعد" (٢/ ٨٤).
(٢) انظر: "مفتاح الوصول" للتلمساني (ص ١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>