للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المسألة الثانية]

ومما ترتب على الاختلاف في دلالة العام: ما إذا ورد عام وخاص، واختلف حكمهما؛ بأن دل أحدهما على حكم يخالف ما دل عليه الآخر.

فالجمهور - تمشيًا مع ظنية العام -، لا يحكمون بالتعارض بينهما، وإنما يخصصون العام بالأخص منه، فيعملون بالخاص فيما دل عليه، ويعملون بالعام فيما وراء ذلك، لأن التعارض منتف بين العام الذي هو ظني الدلالة، وبين الخاص الذي هو قطعيها (١).

أما الحنفية: - فجريًا على قاعدتهم في قطعية العام - يحكمون في هذه الحالة بالتعارض بينهما في القدر الذي دل عليه الخاص لتساويهما في القطعية (٢). وعندئذ نكون أمام ثلاثة أحوال (٣).

أ - فإذا علم مجيء الخاص بعد العام من غير تراخ: كان مخصصًا له ومبينًا - كما ذكر من قبل - (٤).

وذلك كقول الله تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: ١٨٤] مع قوله جلَّ وعلا: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [البقرة: ١٨٥] وكقوله جلَّ ثناؤه: ﴿وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ مع قوله: ﴿وَأَحَلَّ


= فالشافعي خصص عموم هذا النص بالقياس لقيام موجب الاستيفاء وبُعد احتمال المانع، إذ لا مناسبة بين اللياذ إلى الحرم، وإسقاط حقوق الآدميين المبنية على الشح والضنة والمضايقة. كيف وقد ظهر إلغاؤه فيما إذا أنشأ القتل في الحرم، وفي قطع الطرق. وأبو حنيفة لم يجوز تخصيص هذا العموم بالقياس وإن كان جليًا). "تخريج الفروع على الأصول" للإمام الزنجاني: (ص ١٧٥ - ١٧٧) بتحقيق المؤلف.
وانظر: "كشف الأسرار" لعبد العزيز البخاري (١/ ٢٩٦ - ٢٩٨)، "التفسير الكبير" للفخر الرازي (٤/ ٥٢ - ٥٣).
(١) انظر: "أصول الفقه" للخضري (ص ٢٢٣ - ٢٢٤).
(٢) راجع: "التوضيح مع التلويح" (١/ ٤١).
(٣) راجع: "أصول السرخسي" (١/ ١٤٢)، "التوضيح" مع "التلويح" (١/ ٤١).
(٤) راجع: "أصول السرخسي" (١/ ١٤٢)، "التوضيح" مع "التلويح" (١/ ٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>