للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهُ الْبَيْعَ﴾ [البقرة: ٢٧٥] ففي آيتي الصيام والبيع: عُلِمَ مجيء الخاص بعد العام، وكان ذلك من غير تراخ؛ فكان الخاص مبينًا للعام على سبيل التخصيص.

ب - أما إن علم تأخر مجيء الخاص من العام، بأن جاء بعده على التراخي: كان هذا الخاص ناسخًا للعام في القدر الذي اختلفا فيه، متي تساوى معه في الثبوت (١).

يتضح ذلك بقوله تعالى في شأن حد القذف: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٤)[النور: ٤]، مع قوله جلَّ ثناؤه في شأن اللعان: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (٦)[النور: ٦].

فالنص الأول عام يشمل الأزواج وغيرهم وذلك واضح في قوله: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ … ﴾.

والنص الثاني خاص بالأزواج كما هو ظاهر، وقد ثبت تأخر هذه الآية في النزول عن الآية الأولى، وإن كانت متصلة بها من حيث النظم والترتيب. ودليل التأخر في النزول ما جاء في الصحاح أن هلال بن أمية (٢) قذف امرأته عند النبي بشريك بن سمحاء، فقال له النبي : "البينة أو حد في ظهرك"، فقال هلال: يا رسول الله إذا رأى أحدنا على امرأته رجلًا، ينطلق يلتمس البينة؟ فجعل النبي يقول: "البينة أو حد في ظهرك"، فقال هلال: والذي بعثك بالحق إني لصادق، ولينزلن الله ما يبرئ ظهري من الحد فنزل جبريل وأنزل عليه ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ


(١) راجع: "التوضيح" مع "التلويح" (١/ ٤١) فما بعدها. "المنار" للنسفي مع "نور الأنوار" للميهوي (١/ ١١١ - ١١٢) فما بعدها.
(٢) هو الصحابي هلال بن أمية بن عامر الأنصاري الواقفي، شهد بدرًا وما بعدها. وهو أحد الثلاثة الذين خلفوا - رضوان الله عليهم - وتاب الله عليهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>