للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن لا تستطيعه لصغر أو حجر عليها، فيقوم مقامها الولي.

ذكر أبو بكر بن العربي في "أحكام القرآن" (أن الله تعالى قال في أول الآية: ﴿وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ﴾ … إلى قوله تعالى: ﴿وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ﴾ فذكر الأزواج وخاطبهم بهذا الخطاب ثم قال: ﴿إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ﴾ فذكر النسوان … ﴿أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ﴾ فهذا ثالث، فلا يُرَدُّ إلى الزوج المتقدم إلا لو لم يكن لغيره وجود، وقد وجد - وهو الولي - فلا يجوز بعد هذا إسقاط فائدة التقدير، بجعل الثلاثة اثنين من غير ضرورة).

وقال أبو بكر: (واعتبار الذي بيده عقدة النكاح هو الولي: أنظم في الكلام وأقرب إلى المرام، فالله تعالى حين ذكر النسوان قال: ﴿إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ﴾ ومعلوم أنه ليس كل امرأة تعفو، فإن الصغيرة أو العجوز لا عفو لها، فبيّن الله تعالى القسمين وقال: ﴿إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ﴾ إن كنّ لذلك أهلًا، أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح، لأن الأمر فيه إليه) (١). وقد تابع ابنَ العربي في ذلك القرطبي (٢).

[ما نرجحه في المسألة]

والراجح عندنا ما ذهب إليه الأئمة الثلاثة: أبو حنيفة، والشافعي، وأحمد، من اعتبار الزوج هو (الذي بيده عقدة النكاح).

وفي الحجج التي أوردت مقنَع وأيُّ مقنع؛ فالحق أننا لا نتصور العفو إلا ممن له حق يتنازل عنه لغيره، والفضل الذي جاء النهي عن نسيانه، إنما يكون لمن يملكون أن يتفضلوا، والعقدة هي للذي بيده قطع النكاح وفسخه وإمساكه - كما قال ابن قدامة -.

وما أحسب أن في كلام ابن العربي ما يقوى على النهوض في وجه ما ذكره الشافعي، وما أفاض به أبو بكر الجصاص، وقد رأينا ابن


(١) راجع: "أحكام القرآن" (١/ ٢٢١).
(٢) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" (٣/ ٢٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>