للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفطر وهتك حرمة الصوم بما يقع به الفطر، فوجبت الكفارة كالمجامع) (١).

وهكذا نرى أن الحنفية والمالكية، لم يكن اعتمادهم فيما جنحوا إليه: دلالة النص وحدها، أو التعليل بالهتك فقط - كما عبّر المالكية - وإنما أسعفتهم الرواية أيضًا؛ بل قدّموا الرواية على غيرها في الاستدلال، حين رتِّبوا ما استدلوا به على الحكم.

ثانيًا: ثبوت العقوبات والكفارات بدلالة النص:

وعلى كل فمهما يكن الأمر في مسألة وجوب كفارة الأكل والشرب عمدًا في رمضان، فإن الحنفية بشكل عام يثبتون الحدود والكفارات بدلالة النص وإن كانوا لا يثبتونها بالقياس.

ولكن حين تكون دلالة النص ظنية، يكون هناك مجال للاختلاف في الحكم الذي يثبت بها.

لذا لم يقتصر الأمر على الخلاف بين الحنفية وغيرهم في هذا المجال، ولكن رأينا بعض النماذج التي وقع فيها الخلاف بين أئمة المذهب أنفسهم.

١ - فالاختلاف على العلة في كفارة القتل الخطأ، جعل الشافعية يقفون في كفارة القتل العمد عند قولٍ، هو غير ما رآه الحنفية والمالكية والحنابلة.

ذلك بأن الشافعية رأوا أن العلة في وجوب الكفارة بالقتل الخطأ، إنما هي الزجر عن القتل، وذلك في القتل العمد أوْلى؛ فتجب في القتل العمد بدلالة النص.

فإذا وجبت في الخطأ - وعنصر القصد إلى القتل غير متوافر - فلأنْ تجب في العمد - وعنصر العمد متوافر - أجدر وأحرى، وهو ما يناسب الزجر عن القتل وإزهاق الأرواح (٢).


(١) "المنتقى" للباجي (٢/ ٥٢).
(٢) راجع: "مسلم الثبوت" مع "فواتح الرحموت" (١/ ٤٠٩)، "التحرير" مع "التقرير والتحبير" (١/ ١١٣)، "كشف الأسرار" شرح المصنف على المنار (١/ ٢٥٧ - ٢٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>