للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النهي المعلق التكرار، يجب أن يقتضي ذلك الأمر، لأن النهي والأمر يلتقيان في أن كلًا منهما طلب (١).

ولم يرد ابن قدامة إلا على مسألة التسوية بين العلة والشرط:

فالعلة تقتضي حكمها، فيوجد هذا الحكم بوجودها.

والشرط لا يقتضي الحكم، وإنما هو بيان الزمان الحكم، فإذا وجد ثبت عنده ما كان يثبت بالأمر المطلق، كاليمين والنذر … إلخ (٢).

وعلى هذا فيمكن أن يكون ابن قدامة من القائلين بالتكرار حين يكون الشرط أو الوصف علة مقتضية للحكم يوجد بوجودها، وإلا فلا تكرار.

[مسلك الآمدي]

أما الآمدي: فيلخص محل النزاع بين الفريقين المثبتين للتكرار والمنافين له، بأن ما علق به المأمور من الشرط أو الصفة:

إما أن يكون قد ثبت كونه علة في نفس الأمر لوجوب الفعل المأمور به، كالزنى لإقامة الحد:

أو لا يكون كذلك: بلى الحكم متوقف عليه من غير تأثير له فيه، كالإحصان الذي يتوقف عليه الرجم في الزنى.

فإن كان الأول - أي الذي ثبت كونه علة لوجوب الفعل المأمور به - فالاتفاق كما يرى واقع على تكرر الفعل بتكرره.


(١) يريد أصحاب هذه المحجة (كما ترى) قياس الأمر على النهي؛ فإذا كان النهي يتكرر إذا علق بشرط فالأمر كذلك لأن كليهما طلب. وهذا في غاية الضعف؛ لأن النهي - كما سيأتي - يقتضي التكرار دون أن يكون معلقًا بشرط أو مقيدًا بوصف؛ لأن المطلوب في النهي - وهو الامتناع - لا يحصل إلا بالتكرار، وليس كذلك الأمر، وسيأتي ذلك قريبًا في كلام الآمدي.
(٢) راجع: "روضة الناظر مع الشرح" لعبد القادر بدران (٢/ ٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>