بعد الذي مرّ من تعريف البيان في اللغة واصطلاح الأصوليين، يحسن أن نعلم أن لهذا البيان عند الأصوليين أنواعًا هي: بيان التقرير، بيان التغيير، بيان التبديل، بيان التفسير، ويضيف البعض: بيان الضرورة، ولكن الأمر يقتضينا من ناحية التاريخ والتطور: أن نعلم ما الذي كان قبل هذا التقسيم؟ وهذا ما يوجب الحديث عن البيان وأنواعه عند الإمام الشافعي ﵁، الذي كان أول من صنّف في هذا الموضوع. وسنكتفي باللمحة الموجزة، ونحن في طريقنا إلى التفصيل في الأنواع التي أشرنا إليها في مفتتح هذا الكلام.
١ - لا يجد الباحث في رسالة الإمام الشافعي - التي هي فيما بلغنا أول مدونة في أصول الفقه وتفسير النصوص - وَضْعَ أسماء اصطلاحية معينة للبيان حسب الغرض الذي يؤديه، بأن يكون ذلك البيان للتقرير أو للتفسير … إلى غير ذلك من الأغراض التي يكون به أداؤها، وإنما يجد عرضًا مفصلًا لوجوه البيان في الشريعة حيث يكون بكتاب، أو بسنة أو باجتهاد … إلخ، فهي وجوه متعددة وإن كان بعضها أشد تأكيد بيان من بعض، ومختلفًا عند من يجهل لسان العرب (١).
فقد عقد محمد بن إدريس الشافعي في "رسالته" بابًا تحت عنوان (كيف البيان) ذكر تحته خمسة أوجه للبيان: أجملَها ثم فصَّل القول في كل واحد منها على حِدة، وقد شفع كل وجه منها بالأمثلة والشواهد التي توضح ما