للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهكذا يكون جعل هذه الألفاظ حقيقة للخصوص المتيقن أولى من جعلها للعموم المشكوك فيه (١).

[فساد وتناقض]

ونحن مع الإمام الغزالي في حكمه بفساد هذا الاستدلال، وتناقضه. أما الفساد: فلأن كون هذا القدر الذي يعنونه مستيقنًا، لا يدل على كونه مجازًا في الباقي، وكون الفعل الواحد مستيقنًا في الأمر لا يوجب كونه مجازًا في التكرار.

وأما التناقض: فلأن قولهم: إن الثلاثة هو المفهوم فقط يناقض قولهم: الباقي مشكوك فيه؛ لأنه إن كان هو المفهوم فقط: فالباقي غير داخل قطعًا، وإن كانوا شاكين في الباقي: فقد شكوا في نفس المسألة؛ فإن الخلاف قائم في الباقي، وأخطأوا في قولهم: إن الثلاثة مفهوم فقط (٢).

موقف الشيخ الخضري (٣):

وقد ذهب الخضري إلى تفسير كلام الغزالي بأنه عودة إلى مذهب أرباب الوقف (٤). وله في رأينا أن يقول ذلك على ضوء مذهب الغزالي


(١) "المستصفى" للغزالي (٢/ ٤٥).
(٢) راجع: "المستصفى" (٢/ ٤٥ - ٤٦).
(٣) هو محمد بن عفيفي الباجوري المعروف بالشيخ الخضري من علماء الشريعة الإسلامية والأدب وتاريخ الإسلام. تولى التدريس بمدرسة القضاء الشرعي مدة ١٢ سنة ثم كان أستاذًا للتاريخ الإسلامي في الجامعة المصرية. له كثير من المصنفات. منها: "أصول الفقه"، "تاريخ التشريع الإسلامي"، "نور اليقين في سيرة سيد المرسلين"، و"نقد كتاب: في الشعر الجاهلي" لطه حسين. توفي في القاهرة ودفن بها سنة ١٣٤٥ هـ.
(٤) "أصول الفقه" للشيخ الخضري (ص ١٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>