للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهكذا يتبين من المقارنة، بين الظاهر والنص، في هذه الأمثلة، والأمثلة التي سبقتها أن موجَب النص، هو موجَب الظاهر، ولكن النص يزداد وضوحًا على الظاهر، فيما يرجع إليه الوضوح والبيان، بمعنًى عرف من مراد المتكلم.

وإنما يعرف ذلك عند المقابلة بينهما، ففي هذه الحال، يكون النص أوْلى من الظاهر - كما سيأتي -.

[النص: هل يشمل الخاص والعام؟]

هذا: وقد قرر الأكثرون، أن النص يشمل الخاص والعام، وليس الخاص فقط؛ فليس احتمال العام للتخصيص، بأقوى من احتمال الخاص للتأويل (١). وقد أوضح ذلك أبو بكر الجصاص، حين قرر أن ما يتناوله العام، فهو نص أيضًا.

وذلك لأنه لا فرق بين الخاص المعين - إذا أُشير إليه بعينه، وبُيّن حكمه، وبين ما يتناوله العموم اسمًا لجميع ما تناوله، وانطوى تحته - وبين المنصوص وهو ما نصّ عليه باسمه.

وقد استدلّ الجصاص لما يقول (بأن أحدًا من المسلمين لا يمتنع من إطلاق القول: بأن الله تعالى، قد نصّ على تحريم الأم بقوله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ … ﴾ الآية [النساء: ٢٣] (٢).

وأن قطع السارق منصوص عليه بقوله تعالى: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾ [المائدة: ٣٨].


(١) الخاص: كل لفظ وضع لمعنًى واحد على انفراد. والعام: كل لفظ ينتظم جمعًا من الأسماء لفظًا أو معنًى، بهذا عرفهما البزدوي (١/ ٣٣) وللبحث مزيد من الإيضاح عند الحديث عن دلالة العام، وهل هي قطعية أو ظنية؟ وسوف نرى أن العام غير المخصوص: هو قطعي الدلالة عند الحنفية ومعهم الشاطبي من المالكية، ظني الدلالة عند غيرهم.
(٢) وتمام الآية: ﴿وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (٢٣)﴾.

<<  <  ج: ص:  >  >>