للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مسلك المتكلمين بعد الغزالي]

هذا: ويبدو للباحث أن الإطلاق الثاني في تعريف النص، كان وجهة أكثر المتكلمين من علماء الأصول في القرن السادس، فما بعده، فتراهم يوردون الأقوال، وينقلون ما قاله الغزالي وأمثاله في الإطلاقات الثلاثة، ثم يرجحون ما ذهب إليه، من أن النص: (ما لا يقبل الاحتمال أصلًا).

ونعرض فيما يلي لبعض النماذج:

أ - فابن قدامة المقدسي من الحنابلة (١): يعرف النص بقوله: (هو ما يفيد بنفسه من غير احتمال) ويمثل له بقوله تعالى: ﴿تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ﴾ [البقرة: ١٩٦].

ويلاحظ أن ابن قدامة بعد أن قدّم هذا القول، أتى بتعريف آخر، فقال : (وقيل: هو الصريح بمعناه). ثم قرّر ابن قدامة أن اسم النص قد يطلق على الظاهر، ولا مانع منه، فإن النص في اللغة بمعنى الظهور. واستشهد لذلك بقول امرئ القيس:

وجيد كجيد الريم ليس بفاحش … إذا هي نصّته ولا بمعطل

والذي اختاره فيما بعد: أن الأقرب تحديد النص بما ذكر أولًا؛ دفعًا للترادف والاشتراك.

ولا يهمل ابن قدامة ذكر المسلك الثالث، الذي حمله إلينا الغزالي، بأن النص قد يطلق على ما لا يتطرق إليه احتمال يعضده دليل (٢).


(١) هو موفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة، كان حجة في المذهب الحنبلي، ومن كتبه: "المغني" مطبوع، وطبع محققًا من جديد، و "المقنع" في الفقه، وله في أصول الفقه "روضة الناظر وجنة المناظر" وقد كتبه على طريقة المتكلمين، وتولى شرح هذا الكتاب الشيخ عبد القادر بدران الشامي الدومي من رجال القرن الرابع عشر الهجري بكتاب سمّاه "نزهة الخاطر العاطر". توفي ابن قدامة بدمشق سنة ٦٢٠ هـ.
(٢) راجع: "روضة الناظر" لابن قدامة المقدسي مع شرحه لعبد القادر بدران (٢/ ٢٧ - ٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>