وفي الحالة الثانية: يكون محكمًا لغيره؛ لأن الإحكام جاء من خارج النص، وهذا يشمل الأقسام الأربعة للواضح. قال عبد العزيز البخاري في "الكشف": (ثم انقطاع احتمال النسخ، قد يكون لمعنًى في ذاته، بأن لا يحتمل التبدل عقلًا، كالآيات الدالة على وجود الصانع وصفاته ﷻ، وحدوث العالم، وهذا يسمى محكمًا لعينه.
وقد يكون بانقطاع الوحي، بوفاة النبي ﷺ، ويسمى هذا: محكمًا لغيره، وهذا النوع يشمل الظاهر والنص والمفسَّر والمحكَم) (١)؛ لأن كل واحد من الظاهر والنص والمفسَّر، أصبح محكمًا من حيث انقطاع احتمال النسخ.
حكم المحكَم:
وحكم المحكَم: أنه يجب العمل به قطعًا، فلا يحتمل صرفَه عن ظاهره إلى أي معنى آخر، كما أنه لا يحتمل النسخ والإبطال.
ومن هنا كانت دلالته على الحكم، أقوى من جميع الأنواع السابقة، فاللفظ مسوق لبيان هذا الحكم، والاحتمال بجميع أنواعه منتفٍ عنه. لذا كان طبيعيًا أن يقدّم على أي نوع من أنواع الواضح، يتعارض معه، ويُحْمَلَ ذلك النوع الآخر عليه.
[تفاوت المراتب وأثره]
وهكذا يتبين لنا بعد البحث، أن أقسام الواضح عند الحنفية: ليست على درجة واحدة في الوضوح، وإنما هي متفاوتة المراتب في ذلك.
فأقواها المحكَم، ويليه المفسَّر، ثم النص، ويأتي بعده الظاهر.
وإنما تظهر ثمرة هذا التفاوت عند التعارض؛ حيث يقدم الأقوى من المتعارضين، كما سيأتي.
ويحسن أن نقرر أن التعارض المقصود هنا: هو التعارض الظاهري، وهو الذي يكون مردُّه نظرَ الناظر وبحثه، أما التعارض الحقيقي: فمنتفٍ عن