للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نص تشريعي يواجه الواقعة المعروضة، لجأنا إلى المصادر الرسمية الأخرى للقانون (١) ومن أهمها العرف.

فإذا لم تسعف المصادر الرسمية، بإيجاد الحل، لا يبقى إلا ما يسميه "جيني": "البحث العلمي الحر" أي الرجوع إلى جوهر القانون، بحقائقه التي يتكون منها؛ وهي الحقائق الطبيعية، والتاريخية، والعقلية، والمثالية (٢)، فهي التي يمكن أن يستلهم منها المفسر قاعدة قانونية، عند افتقاد نص في التشريع.

[الحكم على المدرسة العلمية]

لا شك في أن المدرسة العلمية، قد سلكت طريقًا وسطًا بين تطرف مدرسة الشرح على المتون، وبين تطرف المدرسة التاريخية؛ فلم تهمل إرادة المشرع الحقيقية، وفي الوقت نفسه أقامت لغير التشريع، وزنًا في أن يكون مصدرًا من مصادر القانون.

وبعد ذلك كله: لم تقف دون مرونة القانون وقدرته على مواجهة الحياة، دون أن يؤدي ذلك إلى الفوضى كما فعلت المدرسة التاريخية.

والآن ....

نترك هذه المدارس الثلاث التي نشأت للتفسير في أوربا، والتي كان من أقومها المدرسة العلمية؛ لنرى في أبحاثنا القادمة، أيَّ خصائص تميزت بها مناهج تفسير النصوص في الفقه الإسلامي.


(١) المصادر الرسمية للقانون هي: التي يستقي منها القاضي القاعدة القانونية التي يطبقها.
(٢) الحقائق الطبيعية هي: الظروف المادية التي يوجد فيها الإنسان، سواء تعلقت بتكوينه العضوي والنفسي والخلقي، أو تعلقت بالطبيعة نفسها كالمناخ وطبيعة التربة ونحو ذلك، أو كانت ظروفًا اقتصادية أو سياسية.
والحقائق التاريخية هي: ذلك التراث من القواعد والمبادئ الذي ترثه الأمة عن الأجيال السابقة.
والحقائق العقلية هي: الحقائق التي يكتشفها العقل من طبيعة الفرد، وعلاقته بغيره في المجتمع.
أما الحقائق المثالية فهي: تلك النزعات المثالية، والميول والاتجاهات المعينة التي تساعد في تنظيم الروابط القانونية.

<<  <  ج: ص:  >  >>