للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقوله تعالى: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾ [البقرة: ٤٣] وقوله: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران: ٩٧] كله من المجمل؛ لعدم إشعار اللفظ بما هو المراد منه بعينه من الأفعال المخصوصة؛ لأنه مجمل بالنسبة إلى الوجوب (١).

ثالثًا - الإجمال في الأفعال:

هذا: وقد أوضح الشيرازي، ومن بعده الآمدي، أن الإجمال كما يكون في الأقوال، يكون في الأفعال (٢). وقد جعل أبو إسحاق من ذلك: أن يفعل رسول الله فعلًا يحتمل وجهين احتمالًا واحدًا، مثل ما روي أنه جمع في السفر (٣)؛ فإنه مجمل؛ لأنه يجوز أن يكون في سفر طويل أو في سفر قصير، فلا يجوز حمله على أحدهما دون الآخر إلا بدليل (٤).

ومما جعله الشيرازي من المجمَل في الأفعال: أن يقضي النبي في عين تحتمل حالتين احتمالًا واحدًا؛ مثل أن يُروى أن رجلًا أفطر فأمره النبي بالكفارة، فهو مجمَل؛ فإنه يجوز أن يكون أفطر بجماع، ويجوز أن يكون أفطر بأكل؛ فلا يجوز حمله على أحدهما دون الآخر - إلا بدليل (٥).

* * *


(١) راجع: المصدر السابق (٣/ ١٣). وانظر: "مختصر المنتهى" لابن الحاجب مع "شرح العضد" (٢/ ٢٧٧ - ٢٨٨) وانظر ما سبق (ص ٢٣٢) فما بعد.
(٢) راجع: "اللمع" للشيرازي (ص ٢٧ - ٢٨)، "الإحكام" للآمدي (٣/ ١٤).
(٣) عن أنس قال: "كان رسول الله إذا رحل قبل أن تزيغ الشمس، أخّر الظهر إلى وقت العصر، ثم نزل يجمع بينهما، فإن زاغت قبل أن يرتحل صلّى الظهر ثم ركب" رواه البخاري (١١١١) ومسلم (١٦٢٣). وفي رواية لمسلم (١٦٢٤): "كان إذا أراد أن يجمع بين الصلاتين في السفر يؤخر الظهر حتى يدخل أول وقت العصر ثم يجمع بينهما".
(٤) راجع: "اللمع" للشيرازي (ص ٢٧ - ٢٨).
(٥) راجع: المصدر السابق (ص ٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>