للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يتم الكلام إلا بها، فالعقل والحسن من القرائن الحالية، والاستثناء والشرط والصفة والغاية: قيود.

ولا يصح في نظر أستاذنا أن تحسب هذه الأمور على المالكية؛ (لأن غيرهم سلم بمعناها وإن لم يعطها الاسم الذي أعطوا). فليس تقييد العام بها موضع الخلاف وإنما الخلاف في تسميتها مخصصات.

ولست أدري سر التخوف على المالكية من أن تحسب عليهم هذه الأمور من المخصصات ما دام الأمر يدور في ساحة الاصطلاح، وماذا عليهم إذا سموا أمرًا من الأمور مخصصًا وأسماء غيرهم قيدًا أو قرينة ما دمنا تسلم أن تقييد العام بما ذكروا ليس موضع خلاف، وإنما الخلاف في تسميتها كلها مخصصات. وإذا كان إمام كالقرافي يرتضي ذلك ويعُدُّ خمسة عشر مخصصًا للعام، فمعنى ذلك أن هذا أمر مقرر في المذهب، ومعروف عند المحققين، فلماذا نتخوف على المالكية ما ارتضوه لأنفسهم في دائرة منهج لتفسير النصوص خرَّجوا فيه الفروع على الأصول، وقد ذكر القرافي نفسه في مقدمة كتابه: أنه يذكر ما يتعين أن يكون على خاطر الفقيه من أصول الفقه وقواعد الشرع واصطلاحات العلماء، حتى تُخرَّجَ الفروع على القواعد والأصول، فإن كان فقهٌ لم يخرَّج على القواعد فليس بشيء (١).

[مذهب الحنفية]

أما الحنفية: فإنهم يشترطون في الدليل ليكون مخصصًا للعام: أن يكون مستقبلًا عن جملة العام، مقارنًا له في الزمان، بأن يردا عن الشارع في وقت واحد (٢) وذلك كقوله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة: ٢٧٥] فإن دليل التخصيص في هذه الآية مستقل مقارن، وكقوله سبحانه: ﴿فَمَنْ شَهِدَ


(١) انظر: "مالك" (ص ٢٧٠) لأستاذنا الشيخ محمد أبي زهرة، "تنقيح الفصول" (ص ٥٦ - ٨٦) مع "الذخيرة".
(٢) "التوضيح" مع "التلويح" (١/ ٤٢) فما بعد، "كشف الأسرار" لعبد العزيز البخاري (١/ ٣٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>