للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يدرك بمجرد معرفة اللغة، من غير حاجة إلى استنباط أو اجتهاد بالرأي، سواء أكان ذلك بالتساوي، أم كان المسكوت عنه أوْلى من المنطوق.

وعلى هذا؛ اعتبرت هذه الدلالة عند الحنفية وكثيرين معهم من المتكلمين، دلالة بظاهر اللفظ وليست قياسًا؛ لأن من أركان القياس أن يشترك المقيس والمقيس عليه بعلة لا تدرك إلا بالاجتهاد والاستنباط، وبناء على ذلك لا تثبت الحدود والكفارات - عند الحنفية - بالقياس، وتثبت بدلالة النص (مفهوم الموافقة) بينما تثبت عند الشافعية وآخرين بالقياس.

والإمامية - كما أسلفنا من قبل - وهم من نفاة القياس، قالوا بمفهوم الموافقة. ولم يخرج على القول به إلا الظاهرية، حتى إن الذين اعتبروا مفهوم الموافقة قياسًا سمُّوه قياسًا جليًا. أما القياس على إطلاقه - وفيه الخفي -: فلم يعتبر عند الأصوليين مفهوم موافقة.

ولقد أعدنا هذه الفكرة إلى الأذهان، لنرى إلى أي حد التزم الباحثون في تفسير القانون، تحديد مفهوم الموافقة بالمعنى المراد في قواعد التفسير في أصول الفقه.

الواقع أنا نرى مسلكين في الموضوع:

[المسلك الأول]

أما الأول: فهو مسلك يقوم على التفريق بين مفهوم الموافقة، والقياس، ويعتبر مفهوم الموافقة في حالتي المساواة والأولوية، طريقًا من طرق التفسير في المنصوص عليه.

أما القياس على إطلاقه: فإنما يستخدم في حالة عدم وجود النص.

يقول الأستاذ الدكتور عبد المنعم البدراوي: (ويقصد بمفهوم الموافقة: دلالة النص على ثبوت حكم المنصوص عليه للمسكوت عنه بواسطة علة الحكم التي يمكن فهمها بمجرد فهم اللغة، من غير حاجة إلى الاجتهاد والرأي، فهو الحكم الذي فهم من روح النص ومعقوله) (١) ثم أبان كيف أن


(١) وجاء بعد ذلك قوله: (فالنص قد يدل بلفظه وعبارته على حكم معين لعلة استوجبت هذا الحكم، ولا يتوقف فهم هذه العلة على الاجتهاد والرأي، بل يفهمها كل مَن يعرف =

<<  <  ج: ص:  >  >>