للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا يفترق عن القياس على إطلاقه، وكيف أن العلة في القياس، لا تدرَك بمجرد معرفة الألفاظ ومعانيها، وإنما تحتاج في إدراكها إلى الاجتهاد والرأي.

وقال الدكتور سليمان مرقص بعد كلامه عن مفهوم الموافقة: (ويسمى هذا الطريق من طرق الاستدلال: القياسَ الجليّ: سواء أكان ذلك في حال المساواة Raisonnement a Pari أم في حالة الأولوية a fortoni لأن المساواة أو الأولوية بين المنطوق والمفهوم الموافق له تكون ظاهرة ويمكن تحصيلها بمجرد فهم اللغة من غير توقف على اجتهاد أو استنباط، وذلك بخلاف الأمر في القياس الخفي) (١).

ثم في الكلام عن حالة عدم النص، جاء بالقياس طريقًا لاستنباط الحكم، فبيّن أن المراد بالقياس هنا، القياس الخفي الذي لا يظهر بمجرد فهم اللغة، بل يحتاج إلى جهد واستنباط، لا القياس الجليُّ الذي تقدّم ذكره (٢).

وهكذا يتضح لنا أن هذا المسلك - كما ذكرنا - يقوم على التفريق بين مفهوم الموافقة في حالتَيْ الأولوية والمساواة - أيًا كانت تسميته - وبين القياس على إطلاقه، فالعلة المشتركة بين المنطوق والمسكوت في الأول: لا تحتاج في إدراكها إلى رأي واجتهاد، وإنما تدرَك بمجرد فهم اللغة، بينما نرى العلة المشتركة في القياس بين المقيس والمقيس عليه، لا بد في إدراكها من الرأي والاجتهاد، فلا يكفي فهم اللغة.

والتفسير بمفهوم الموافقة لاستخراج الحكم: يكون في حالة وجود النص، بينما يكون التفسير بالقياس: في حالة عدم النص.


= الألفاظ ومعانيها، فإذا وجدت حالة لا يتناولها النص بمنطوقه، ولكنها تشترك مع الحالة المنصوص عليها في النص في العلة التي استوجبت الحكم: ثبت نفس الحكم للحالة المسكوت عنها، وذلك سواء أكان المسكوت عنه مساويًا للمنصوص عنه في العلة، أم كانت العلة متوافرة بشكل أقرى، ويسمى مفهوم الموافقة "القياس الجلي" apari في الحالة الأولى، و "القياس الأولوي" أو المفهوم من "باب أولى" fortiori في الحالة الثانية، وعند ذكر القياس الذي يحتاج إلى رأي واجتهاد والذي يسمى أحيانًا "القياس الخفي"، ثم أشار إلى أنه سيبين حكمه في حالة عدم وجود النص). انظر: "المدخل للعلوم القانونية" (ص ٢٢١).
(١) راجع: "المدخل للعلوم القانونية" للدكتور سليمان مرقص (١/ ٢٠٨) طبعة ١٩٥٧.
(٢) راجع: المصدر السابق (١/ ٢٢٨). وانظر: "البدراوي" (ص ٢٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>