للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[رأينا في نسبة الفور إلى الحنفية]

نسب القول بالفور إلى الحنفية في بعض كتب الشافعية، كما نرى عند القاضي البيضاوي والإسنوي، قال البيضاوي: (الأمر المطلق لا يفيد الفور خلافًا للحنفية) وقال الإسنوي عند تعداد المذاهب التي ذكرها صاحب "المنهاج": (الثاني: أنه يفيد الفور وجوبًا وهو مذهب الحنفية، غير أن الواقع يهدي إلى أن القول بالفور، هو مذهب بعض الحنفية ومنهم الكرخي كما صرح بذلك البزدوي والسرخسي) (١).

ولو رجعنا إلى البزدوي والسرخسي ومن تابعهما، وجدنا أن الصحيح عندهم هو المذهب الأول الذي يرى أن الأمر المطلق لا يقتضي فورًا ولا تراخيًا، وإنما هو لمجرد الطلب، وهو ما ذكرناه حين عرضنا لأصحاب هذا المذهب (٢) وذلك ما نراه عند صدر الشريعة في "التوضيح" وما بيّن التفتازاني في حاشيته "التلويح" أنه المختار حيث قال: (والمختار أنه لا يدل على الفور ولا على التراخي بل كل منهما بالقرينة) (٣). وقد صرح به


(١) راجع: "المنهاج" مع "نهاية السول" (١/ ٢٧٩).
(٢) راجع: "البزدوي" مع "كشف الأسرار" (١/ ٢٥٤)، "أُصول السرخسي" (٢٦١) فما بعدها.
(٣) راجع: "التوضيح" مع "التلويح" (١/ ٢٠٢) هذا: وقد اختلف التعبير عن المذهب فعبر عنه قوم بالتراخي بمعنى عدم التقييد بالحال، وغير صدر الشريعة بالتراخي وأراد به ما هو أعم من الفور وغيره، وابن الهمام كما سنرى كان واضحًا كالتفتازاني فعبر بمجرد الطلب، وعند كلام صدر الشريعة حرر التفتازاني المسألة بما يشير أن التعابير مختلفة ولكن المراد أن الأمر المطلق ليس على الفور ولا على التراخي الذي هو مقابل الفور، بل هو لمجرد الطلب ولا يدل على أحدهما إلا بقرينة، ونحن نورد تحقيق التفتازاني فيما يلي. قال : (والصحيح من مذهب علماء الحنفية أنه للتراخي إلا أن مرادهم بالتراخي عدم التقيد بالحال، واصطلح المصنف، يعني صدر الشريعة، على أن المراد بالتراخي عدم التقييد بالحال لا التقييد بالاستقبال، فالتراخي عنده أعم من الفور وغيره. وذلك لأنه لما استدل على كون مطلق الأمر للتراخي بأن الأمر جاء للفور وجاء للتراخي، فلا يثبت الفور إلا بالقرينة، فعند الإطلاق وعدم القرينة يثبت التراخي لضرورة عدم قرينة الفور لا بدلالة الأمر، =

<<  <  ج: ص:  >  >>